الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ وَيُعَلِّلُونَ ذَلِكَ بِأَنَّهُ إذَا جَاءَ أَحَدٌ يُرِيدُ أَنْ يَجْلِسَ مَعَهُ فَيُجْلِسُهُ لِنَاحِيَةِ الْيَمِينِ لِيَكُونَ ذَلِكَ أَسْهَلَ عَلَيْهِ فِي فَرْشِهَا لَهُ إذْ ذَاكَ وَيُعَلِّلُونَهُ بِوَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ الْقَلْبَ فِي جِهَةِ الْيَسَارِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فَتْحُهَا لِتِلْكَ الْجِهَةِ تَفَاؤُلًا بِالْفَتْحِ وَهَذَا لَيْسَ مِنْ التَّفَاؤُلِ فِي شَيْءٍ؛ لِأَنَّ التَّفَاؤُلَ الشَّرْعِيَّ إنَّمَا هُوَ مَا كَانَ عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ وَمَا ذَكَرُوهُ كُلَّهُ يَحْتَاجُ إلَى تَوْقِيفٍ مِنْ صَاحِبِ الشَّرْعِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالسَّجَّادَةُ مَكْرُوهَةٌ فِي الشَّرْعِ ابْتِدَاءً إلَّا مِنْ ضَرُورَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ فَكَيْفَ تَفَاصِيلُهَا فَمِنْ بَابِ أَوْلَى وَأَحْرَى، ثُمَّ إنَّهُ مَعَ ذَلِكَ يَطْوِي طَرْفَهَا مِنْ جِهَةِ الْقِبْلَةِ مِنْ نَاحِيَةِ الْمَشْرِقِ فَإِذَا عَلِمَ الْوَارِدُ مَوْضِعَ السَّجَّادَةِ ذَهَبَ إلَى مَوْضِعِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ، أَوْ لَمْ تَكُنْ كَانَ عَلَى وُضُوءٍ، أَوْ لَمْ يَكُنْ فَيَأْخُذُ الْإِبْرِيقَ فَيَدْخُلُ بِهِ إلَى الْخَلَاءِ، ثُمَّ يَخْرُجُ إلَى مَوْضِعِ الْوُضُوءِ، وَالْإِبْرِيقُ بِيَدِهِ فَيَضَعُهُ فِي مَوْضِعِهِ الَّذِي أَخَذَ مِنْهُ وَيَجْعَلُ بُزْبُوزَهُ إلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ وَيَمْلَؤُهُ وَكَذَلِكَ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَضَعُونَ الْإِبْرِيقَ فِيهِ إنَّمَا يَكُونُ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ وَهَذَا مَا يَحْتَاجُ إلَى تَوْقِيفٍ مِنْ صَاحِبِ الشَّرْعِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَهَذِهِ الْآدَابُ الشَّرْعِيَّةُ مِثْلُ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ وَغَيْرِهَا إنَّمَا الْمُخَاطَبُ بِهَا الْمُكَلَّفُونَ، وَالْإِبْرِيقُ لَا يَتَوَجَّهُ عَلَيْهِ خِطَابٌ وَلَا أَمَرَ الشَّرْعُ فِيهِ بِشَيْءٍ، وَالْتِزَامُ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ فِيهِ ضِيقٌ وَحَرَجٌ، وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مَا تَرَكْتُهُ لَكُمْ فَهُوَ عَفْوٌ» ، وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ فَلَا حَرَجَ فِي وَضْعِ الْإِبْرِيقِ عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ وَكَذَلِكَ فِي بَسْطِ السَّجَّادَةِ وَغَيْرِهَا فَمَا وَافَقَ السُّنَّةَ امْتَثَلْنَاهُ عَلَى الرَّأْسِ وَالْعَيْنِ وَمَا لَمْ يَرِدُ فِيهِ شَيْءٌ فَقَدْ وَسَّعَهُ اللَّهُ عَلَيْنَا فَلَا نُضَيِّقُ عَلَى أَنْفُسِنَا بِاصْطِلَاحِ مَنْ لَيْسَ بِمَعْصُومٍ، ثُمَّ يَتَوَضَّأُ فَإِذَا فَرَغَ مِنْهُ مَشَى بِتُؤَدَةٍ إلَى مَوْضِعِ السَّجَّادَةِ، وَهُوَ مَعَ ذَلِكَ لَا يُكَلِّمُ أَحَدًا وَلَا يُكَلِّمُهُ أَحَدٌ لَا بِسَلَامٍ وَلَا غَيْرِهِ فَإِذَا جَاءَ إلَى السَّجَّادَةِ قَدَّمَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى فَوَضَعَهَا عَلَى طَيَّةِ السَّجَّادَةِ، ثُمَّ قَدَّمَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى فَوَضَعَهَا إلَى جَانِبِهَا عَلَى الطَّرَفِ الْمَطْوِيِّ كَمَا هُوَ، ثُمَّ يُقَدِّمُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى فِي وَسَطِ السَّجَّادَةِ، ثُمَّ الرِّجْلَ الْيُسْرَى، ثُمَّ يُزِيلُ تِلْكَ الطَّيَّةَ بِيَدِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute