للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ بِقَدَمِهِ وَيُسَمُّونَ هَذِهِ الطَّيَّةَ قُفْلَ السَّجَّادَةِ حَتَّى لَا يَفْتَحَ ذَلِكَ غَيْرُهُ وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ مُحْدِثَاتِ الْأُمُورِ الَّتِي لَيْسَ لَهَا أَصْلٌ فِي الشَّرْعِ الشَّرِيفِ فَتَعَيَّنَ إطْرَاحُهَا وَتَرْكُ الْمُبَالَاةِ بِهَا، ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ وَالصَّلَاةُ بِهَذَا الْوُضُوءِ فِيهَا مَا فِيهَا؛ لِأَنَّ هَذَا الْوُضُوءَ إنْ كَانَ لِأَجْلِ دُخُولِ الرِّبَاطِ لَيْسَ إلَّا فَلَا شَكَّ أَنَّهُ لَا يُسْتَبَاحُ بِهِ الصَّلَاةُ كَمَا قَالَ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِيمَنْ تَوَضَّأَ لِلْأَكْلِ وَالشُّرْبِ، أَوْ دُخُولِ السُّوقِ فَلَا يُؤَدِّي بِهِ عِبَادَةً يُشْتَرَطُ الْوُضُوءُ فِيهَا، وَإِنْ تَوَضَّأَ لِدُخُولِ الرِّبَاطِ وَلِلْحَدَثِ فَيَجْرِي فِيهِ الْخِلَافُ الَّذِي بَيْنَ الْعُلَمَاءِ إذَا أَشْرَكَ فِي النِّيَّةِ هَلْ يَجْزِيهِ أَمْ لَا؟ وَأَقَلُّ مَا فِيهِ مِمَّا لَا يَنْبَغِي أَنْ هَذَا الْفِعْلَ كُلَّهُ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ رُؤْيَةِ النَّاسِ لَهُ، وَأَنَّهُمْ لَا يَتْرُكُونَهُ يَدْخُلُ الرِّبَاطَ إلَّا عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ فَقَدْ خَرَجَ الْوُضُوءُ بِهَذَا عَنْ أَنْ يَكُونَ لِلَّهِ وَحْدَهُ بَلْ الشَّائِبَةُ فِيهِ ظَاهِرَةٌ بَيِّنَةٌ، وَالْمُرِيدُ لَا يُسَامِحُ نَفْسَهُ فِي شَيْءٍ مِنْ هَذَا كُلِّهِ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ بَعْدَ ذَلِكَ لِاسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ وَيَتُوبَ مِنْ عَمَلٍ عَمِلَهُ لِأَجْلِ رُؤْيَةِ النَّاسِ، ثُمَّ إنَّهُ إذَا سَلَّمَ مِنْ صَلَاةِ الرَّكْعَتَيْنِ الْمُتَقَدِّمَتَيْ الذِّكْرِ أَتَى إلَيْهِ بَعْضُ أَهْلِ الرِّبَاطِ فَسَلَّمُوا عَلَيْهِ وَبَسَطُوا لَهُ الْأُنْسَ وَيَقُومُ هُوَ إلَيْهِمْ وَيُعَانِقُهُمْ وَهَذَا الَّذِي فَعَلُوهُ مِنْ سَلَامِهِمْ عَلَيْهِ وَبَسْطِهِمْ لَهُ هُوَ السُّنَّةُ عِنْد اللِّقَاءِ فَأَخْرَجُوهُ عَنْ مَوْضِعِهِ الْمَشْرُوعِ إلَى مَوْضِعٍ غَيْرِ مَشْرُوعٍ فِيهِ.

وَأَمَّا قِيَامُهُ لَهُمْ فَلَيْسَ مِنْ السُّنَّةِ فِي شَيْءٍ؛ لِأَنَّ الْقِيَامَ الْمَشْرُوعَ إنَّمَا هُوَ قِيَامُ الْحَاضِرِ لِلْغَائِبِ حِينَ قُدُومِهِ عَلَيْهِ.

وَأَمَّا الْمُعَانَقَةُ فَفِيهَا اخْتِلَافٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، وَمَذْهَبُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَرَاهَتُهَا، ثُمَّ إنَّهُمْ يُكَلِّمُونَ عِنْدَ ذَلِكَ بِالْكَلَامِ الْمُعْتَادِ بَيْنَهُمْ الَّذِي لَا يَخْلُو فِي الْغَالِبِ مِنْ التَّنْمِيقِ وَالتَّزْكِيَةِ وَتَرْفِيعِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ بِأَشْيَاءَ الْغَالِبُ عَدَمُ بَعْضِهَا إلَّا مَنْ وَفَّقَ اللَّهُ - تَعَالَى - وَقَلِيلٌ مَا هُمْ.

وَاحْتَجُّوا عَلَى اسْتِحْبَابِ هَذِهِ الِاصْطِلَاحَاتِ وَاسْتِحْسَانِهَا وَأَمْرِ الْفُقَرَاءِ بِهَا بِأَنَّ مَشَايِخَهُمْ قَدْ قَرَّرُوا لَهُمْ ذَلِكَ لِيَكُونَ تَحَفُّظُهُمْ عَلَيْهَا عَلَامَةً وَدَلَالَةً عَلَى تَحَفُّظِهِمْ عَلَى بَوَاطِنِهِمْ مِمَّا يَقَعُ فِيهَا فَتَكُونُ آدَابُ الظَّاهِرِ دَلَالَةً عَلَى حُصُولِ آدَابِ الْبَاطِنِ وَهَذِهِ الطَّائِفَةُ يُحْسِنُونَ الظَّنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>