للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا يَكُونُ لِوَاحِدٍ دُونَ غَيْرِهِ مِمَّنْ حَضَرَ بِذَلِكَ وَرَدَتْ السُّنَّةُ وَتَعْلِيمُهُ لِوَاحِدٍ لَيْسَ إلَّا فِيهِ كَتْمُهُ عَنْ غَيْرِهِ وَمَنْ كَتَمَ عِلْمًا أَلْجَمَهُ اللَّهُ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ عَلَى مَا وَرَدَ، وَهَذَا مُتَعَارَفٌ مُتَعَاهَدٌ مِنْ زَمَانِهِمْ إلَى زَمَانِنَا هَذَا فَعَلَى التَّدْرِيسِ لِلْقُرْآنِ وَالْعِلْمِ مُجْتَمِعَيْنِ هَذَا فِي آيَةٍ، وَهَذَا فِي أُخْرَى، وَهَذَا فِي سُورَةٍ، وَهَذَا فِي سُورَةٍ أُخْرَى، وَهَذَا فِي حِزْبٍ، وَهَذَا فِي آخَرَ، وَقَدْ اخْتَلَفَ قَوْلُ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْجَمَاعَةِ إذَا اجْتَمَعُوا يُرِيدُونَ الْقِرَاءَةَ عَلَى الشَّيْخِ وَلَا يَسَعُهُمْ الْوَقْتُ وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ هَلْ يَقْرَأُ الِاثْنَانِ وَالثَّلَاثَةُ فِي حِزْبٍ وَاحِدٍ؛ لِعُذْرِ ضِيقِ الْوَقْتِ أَوْ لَا يَقْرَأُ إلَّا وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ فَقَالَ: مَرَّةً يَجُوزُ لِلضَّرُورَةِ الدَّاعِيَةِ إلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ إنْ قَرَأَ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ بَقِيَ بَعْضُهُمْ بِغَيْرِ قِرَاءَةٍ لِكَثْرَتِهِمْ وَضِيقِ الْوَقْتِ.

وَمَرَّةً قَالَ: لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ فِعْلِ مَنْ مَضَى عَلَى مَا نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ رُشْدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي الْبَيَانِ وَالتَّحْصِيلِ فَانْظُرْ رَحِمَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ لِقَوْلِ مَالِكٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمْ يَكُنْ مِنْ فِعْلِ مَنْ مَضَى فَلَوْ كَانَتْ الْقِرَاءَةُ عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَلَى مَا فُهِمَ هَذَا النَّقْلُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لَمْ يَقُلْ مَالِكٌ لَمْ يَكُنْ مِنْ فِعْلِ مَنْ مَضَى، وَهُوَ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ فِي النَّقْلِ عَنْهُمْ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فَلَمْ يَبْقَ إلَّا أَنَّهُ كَانَ يُدَرِّسُهُمْ الْقُرْآنَ إمَّا تَلْقِينًا أَوْ فِي الْأَلْوَاحِ أَوْ فِي الْمَصَاحِفِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُمْكِنُ أَنْ يَجْتَمِعَ الْجَمَاعَةُ يَقْرَءُونَ كُلُّ وَاحِدٍ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يَحْفَظَهُ عَلَى سَبِيلِ التَّعْلِيمِ. أَمَّا الْحُفَّاظُ يَجْتَمِعُونَ لِلْقِرَاءَةِ يَقْرَءُونَ مَعًا لِلثَّوَابِ فَلَيْسَ مِنْ فِعْلِهِمْ وَلَا بِمَرْوِيٍّ عَنْهُمْ.

، وَهَذَا مِثْلُ مَا قَالَهُ عُلَمَاؤُنَا رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ فِي الْأَذَانِ أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يُؤَذِّنَ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ إذْ إنَّ ذَلِكَ كَانَ يُفْعَلُ عَلَى زَمَانِ مَنْ مَضَى - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ -، وَعَلَى رَأْسِ نَبِيِّهِمْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالْحَدِيثُ الْوَارِدُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ وَيُصَرِّحُ بِهِ، وَهُوَ قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إلَّا أَنَّ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا عَلَيْهِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي التَّهْجِيرِ لَاسْتَبَقُوا إلَيْهِ وَلَوْ يَعْلَمُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>