وَحَقِّ الْمَوْلُودِ، فَإِذَا كَانَ عِنْدَهَا عِلْمٌ بِذَلِكَ فَيَا حَبَّذَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهَا عِلْمٌ مِنْهُ فَتَتَعَلَّمُ الْحُكْمَ فِيهِ بِسَبَبِ سُؤَالِهِ لَهَا عَنْهُ سِيَّمَا وَقَدْ نَشَأَ أَكْثَرُهُنَّ عَلَى عَوَائِدَ رَدِيئَةٍ اتَّخَذْنَهَا، وَقَدْ جَرَّتْ إلَى مُحَرَّمَاتٍ جُمْلَةً كَمَا قَدْ تَقَدَّمَ مِمَّا اتَّخَذُوهُ مِنْ الْعَوَائِدِ الرَّدِيئَةِ، وَهِيَ أَنَّ غَاسِلَ الْمَيِّتِ يَأْخُذُ مَا يَجِدُ عَلَيْهِ فَجَرَّ ذَلِكَ إلَى مُحَرَّمٍ وَهُوَ أَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْمَيِّتِ يَتْرُكُونَ مَيِّتَهُمْ مَكْشُوفًا بِلَا سُتْرَةٍ أَوْ بِشَيْءٍ يَصِفُ الْعَوْرَةَ أَوْ يَحْكِيهَا، وَكَذَلِكَ فِيمَا نَحْنُ بِسَبِيلِهِ سَوَاءً بِسَوَاءٍ، وَهُوَ أَنَّهُنَّ قَدْ جَرَتْ عَوَائِدُهُنَّ أَنَّ الْقَابِلَةَ تَأْخُذُ مَا نَزَلَ فِيهِ الْمَوْلُودُ، وَذَلِكَ يَجُرُّ إلَى الضَّرَرِ بِالْمَوْلُودِ إنْ كَانَ أَهْلُهُ فُقَرَاءَ؛ لِأَنَّ أَهْلَهُ إذَا عَلِمُوا أَنَّ الْقَابِلَةَ تَأْخُذُ ذَلِكَ لَا يَعْتَنُونَ بِهِ، وَقَدْ مَضَتْ عَادَةُ النَّاسِ أَنَّهُمْ يَتَبَرَّكُونَ بِأَثَرِ الْأَكَابِرِ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالصَّلَاحِ أَوْ هُمَا مَعًا، فَإِذَا نَزَلَ الْمَوْلُودُ فِي ثَوْبِ أَحَدِهِمْ أَوْ فِي خِرْقَةٍ مِنْ أَثَرِهِمْ، فَذَلِكَ عِنْدَهُمْ غُنْمٌ وَبَرَكَةٌ، فَإِذَا عَلِمَ أَهْلُ الْمَوْلُودِ أَنَّ الْقَابِلَةَ تَأْخُذُ ذَلِكَ أَمْسَكُوهُ لِأَنْفُسِهِمْ لِلتَّبَرُّكِ فَحُرِمَ الْمَوْلُودُ بَرَكَةَ مُبَاشَرَةِ تِلْكَ الْخِرْقَةِ فِي أَوَّلِ ظُهُورِهِ إلَى الدُّنْيَا بِسَبَبِ الْبِدْعَةِ كَمَا حُرِمَ الْمَيِّتُ السُّتْرَةَ الشَّرْعِيَّةَ بِسَبَبِ الْبِدْعَةِ الَّتِي أَحْدَثُوهَا فِي أَنَّ الْغَاسِلَ يَأْخُذُ مَا وَجَدَ عَلَى الْمَيِّتِ كَمَا سَبَقَ.
وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَتَفَاخَرُ فِي الثَّوْبِ الَّذِي يَنْزِلُ فِيهِ الْمَوْلُودُ حَتَّى إنَّهُمْ يَخْرُجُونَ فِي ذَلِكَ عَمَّا لَا يَنْبَغِي؛ لِأَنَّهُمْ يَتَّخِذُونَهُ مِنْ خِرْقَةِ حَرِيرٍ غَالِبًا. وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهُ فِي الْحَدِيثِ «؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَخَذَ شَيْئًا مِنْ الذَّهَبِ وَالْحَرِيرِ بِيَدِهِ الْكَرِيمَةِ، وَقَالَ: هَذَانِ حَرَامَانِ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي حِلٌّ لِإِنَاثِهَا» فَقَوْلُهُ: - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي، وَلَمْ يَقُلْ عَلَى رِجَالِ أُمَّتِي دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ لُبْسَهُ حَرَامٌ عَلَى الذَّكَرِ، وَإِنْ كَانَ صَغِيرًا عَلَى مُقْتَضَى ظَاهِرِ الْحَدِيثِ، وَالْمُخَاطَبُ بِذَلِكَ وَلِيُّ الْمَوْلُودِ، وَهُمْ يَأْخُذُونَ الْخِرْقَةَ وَلَا يَعْلَمُونَ مَا هُوَ الْمَوْلُودُ أَذَكَرًا أَمْ أُنْثَى. وَلَا حُجَّةَ لِمَنْ يَقُولُ: قَدْ اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي لِبَاسِ الْحَرِيرِ لِلذَّكَرِ الصَّغِيرِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ ظَاهِرِ الْحَدِيثِ أَنَّهُ دَالٌّ عَلَى الْمَنْعِ، وَأَيْضًا لَوْ قُلْنَا بِحِلِّهِ فَهُوَ مَكْرُوهٌ فِي حَقِّهِ فَيُجَنِّبُهُ الْمَوْلُودَ لِتَحْصُلَ لَهُ الْبَرَكَةُ وَالتَّفَاؤُلُ الْحَسَنُ بِسَبَبِ خُرُوجِهِ مِنْ الْخِلَافِ، وَفِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute