مِنْ بِلَادِ الْمَغْرِبِ فَكَتَبَ النَّاسُ الصَّدَقَةَ عَلَى عَادَتِهِمْ كَمَا تَقَدَّمَ فَبَقِيَ الْأَمْرُ عَلَى حَالِهِ مِنْ الشِّدَّةِ فَشَكَا أَهْلُ الْمَرْكَبِ ذَلِكَ لِسَيِّدِي مُحَمَّدٍ الْمَرْجَانِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَكُنَّا فِي السَّفَرِ مَعَهُ وَفِي خَفَارَتِهِ وَحَصَلَتْ لَنَا النَّجَاةُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ بِسَبَبِهِ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا أَنْ شَكَا النَّاسُ إلَيْهِ مَا أَصَابَهُمْ أَمَرَهُمْ بِمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِنْ التَّوْبَةِ وَالرُّجُوعِ وَالصَّدَقَةِ فَقَالُوا: قَدْ فَعَلْنَا؛ فَقَالَ: وَأَيْنَ هِيَ الصَّدَقَةُ؟ فَأَخْبَرُوهُ بِمَا جَرَى؛ فَقَالَ: لَا وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُعِيدُوا عَلَيْهِمْ الطَّلَبَ ثَانِيَةً بِشَرْطِ أَنْ لَا يَذْكُرَ أَحَدٌ مِنْهُمْ شَيْئًا إلَّا وَيُعْطِيهِ الْآنَ فَجُمِعَتْ الصَّدَقَةُ وَجُعِلَتْ بَيْنَ يَدَيْهِ فَفَرَّقَهَا عَلَى الْفُقَرَاءِ الَّذِينَ كَانُوا فِي الْمَرْكَبِ فَطَابَ الْوَقْتُ وَهَدَأَ الْبَحْرُ وَجَاءَتْ الرِّيحُ الْمُوَافِقَةُ فَلَمْ تَزَلْ مُسْتَمِرَّةً حَتَّى وَصَلْنَا إلَى الْمَقْصِدِ سَالِمِينَ وَسَبَبُ ذَلِكَ بَرَكَةُ الِامْتِثَالِ لِلسُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ وَالِاهْتِدَاءُ بِأَهْلِ الْعِلْمِ وَالْمَشَايِخِ الَّذِينَ جَعَلَهُمْ اللَّهُ رَحْمَةً عَامَّةً لِلْعَامِلِينَ، وَالْكُلُّ مُتَوَسِّلُونَ بِسَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ لَا يَحْرِمَنَا مِنْ بَرَكَاتِهِمْ وَرَأْيِهِمْ وَنَظَرِهِمْ إنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَالْقَادِرُ عَلَيْهِ بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ وَسَلَّمَ.
(فَصْلٌ) فَإِذَا وَصَلَ إلَى الْبَلْدَةِ الَّتِي أَرَادَهَا أَوْ طَلَعَ إلَى بَلْدَةٍ يُرِيدُ الْبَيْعَ فِيهَا أَوْ الشِّرَاءَ مِنْهَا وَإِنْ كَانَ لَا يُقِيمُ بِهَا فَيَحْتَاجُ إذْ ذَاكَ أَنْ يَبْدَأَ بِبَيْتِ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَيُصَلِّيَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ بِحَسَبِ مَا يَتَيَسَّرُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عِمَادُ الدِّينِ وَبِهَا قِوَامُهُ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِكَ حَصَلَتْ لَهُ خِصَالٌ حَمِيدَةٌ: مِنْهَا امْتِثَالُ السُّنَّةِ الْمُطَهَّرَةِ؛ لِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إذَا دَخَلَ إلَى بَلَدٍ بَدَأَ بِالْمَسْجِدِ فَصَلَّى فِيهِ رَكْعَتَيْنِ» وَمِنْهَا مَا حَصَلَ لَهُ مِنْ زِيَارَةِ بَيْتِ رَبِّهِ.
وَمِنْهَا الصَّلَاةُ فِيهِ.
وَمِنْهَا عَدَمُ الِاسْتِشْرَافِ لِلْأَسْوَاقِ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَالْأَخْذِ وَالْعَطَاءِ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلَى تَخْلِيصِ نِيَّتِهِ فِي نُصْحِهِ لِنَفْسِهِ وَسَلَامَتِهَا وَنُصْحِ إخْوَانِهِ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا يَبِيعُهُ لَهُمْ وَيَشْتَرِيهِ مِنْهُمْ فَإِنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ الَّتِي يَبِيعُهَا لَهُمْ فِيهَا عَيْبٌ مَا فَيَحْتَاجُ إلَى أَنْ يُبَيِّنَهُ مِثْلَ أَنْ تَكُونَ التَّفْصِيلَةُ قَصِيرَةً أَوْ فِيهَا أَرْشٌ فَيَحْتَاجُ أَنْ يُبَيِّنَ ذَلِكَ كُلَّهُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ النُّصْحِ لِلْمُسْلِمِينَ وَتَرْكُهُ مِنْ بَابِ الْغِشِّ، وَقَدْ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute