للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال: من صدر اعتقاده عن برهان لم يبق عنده تَلَوُّن يراعي به أحوال الرجال، (أفإِن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم) (١)، وكان الصديق ممن ثبت مع اختلاف الأحوال، فلم تنقلب به الأحوال في كل مقام زلت به الأقدام.

وقال: عاب كِيَا في بعض المجامع مذهب أبي حنيفة، وأخذ يقول: "المجموع والكثرة، والله أكرم أن يجمع هؤلاء على ضلالة"، فقال له حنبلي: دليلك في هذا بالكثرة ان استدل به الحنفية وراء النهر أفلست ووجب عليك الانقياد إِلى مذهبه، فإِن تعاند دليلك هناك نقلته إِلى الأديان، فمضيت إِلى قسطنطينية (٢)، فصرت نصرانيًا، وهكذا الجهال يفرحون بسوق الوقت، حتى لو اجتمع ألف أقرع (٣) يزعقون (٤) على بقرة هراس لقوى قلبه بما يعتقد أولئك، وينفر قلبه من أدلة المحققين، بهيمية في طباع الجُهَّال لا تزول بمعالجة.


(١) سورة آل عمران: آية ١٤٤.
(٢) وهي المعروفة اليوم بـ "استانبول". وانظر: معجم البلدان ٤/ ٣٤٧. وقد كانت -زمن هذا القول- تحت سيطرة النصارى.
(٣) في لسان العرب ١٠/ ٣٩: وقولهم: "ألف أقرع" أي: تام، يقال سقت إِليك ألفا أقرع من الخيل أو غيرها، أي: تاما، وهو نعت لكل ألف، كما أن "هنيدة" اسم لكل مائة.
(٤) يعني: يصيحون. انظر: معجم مقاييس اللغة ٣/ ٨.