الوقائع وتواريخها حتى يطبق الحديث على الواقعات. ومثاله أيضًا في الكتاب كثير وكثير. لا يخفى على القارئ.
كيف لا؛ ومؤلفه محدِّثٌ، وَفقيهٌ، ومؤرخٌ، ومشاركٌ في أكثر العلوم المتداولة في زمانه، بل محقَّقٌ فيها ولا نطيل الكلام بذكر ترجمته؟ !
وكان قد اعتنى بكتاب "الإشاعة" شيخنا الإمام المُحدّث الحافظ محمد زكريا الكاندهلوي ثم المهاجر المدني رحمه الله تعالى، وكانت عنده نسخةٌ من الكتاب مطبوعة قديمة سنة (١٣٢٥ هـ) بالقاهرة، فكان أن جلَّدَها الشيخ رحمه الله تعالى تجليدًا؛ بحيث أدخل بعد كُلّ ورقة مطبوعة ورقة بيضاء؛ ليكتب عليها فائدةً تسنح له، أو لطيفة حديثية تظهر له، أو تطبيقًا للحديث على الواقعة، فذكرنا كلام شيخنا رحمه الله تعالى في مواضعه في الحاشية، وميزناه بحرف:(ز).
ثم كان الشيخ رحمه الله تعالى أراد أن يكتب ذيلًا على كتاب "الإشاعة"، وألحقه في آخر نسخته لكن لم يتمه، فتتميمًا للفائدة ألحقناها في آخر الكتاب، لكن لما كان كلام الشيخ رحمه الله تعالى إشاراتٍ مستخلصة من الأحاديث المفصلة، ذكرنا في الحاشية الأحاديث التي أشار إليها الشيخ رحمه الله تعالى.
وعناية شيخنا رحمه الله تعالى بالكتاب ألجأتنا إلى الاعتناء به؛ فإنه لا يعرف الفضل إلَّا ذووه.
بل شيخنا رحمه الله تعالى هو الذي أمرنا أن نُرتب ما كُتب على الكتاب من الحواشي في آخر حياته، ولكن كل شيء مرهون بوقته.
وشيخنا هو الإمام، المُحدِّث، الحافظ، الفقيه، العابد، الزاهد، الورع: محمد زكريا ابن العلامة محمد يحيى الصديقي الكاندهلوي، ثم المهاجر المدني.
ولد لعشر خلون من شهر رمضان سنة (١٣١٥ هـ)، وأدرك الإمام الكبير الرباني الشيخ رشيد أحمد الكنكوهي رحمه الله تعالى في صباه، وسعد بحنانه وعطفه؛ لما كان بينه وبين أبيه من اختصاص.