للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأول: ما أمر باتباعه فيه: فاتباعه واجب، والوجوب هنا حاصل من قوله لا من فعله.

الثاني: ما نهى عن اتباعه فيه: فاتباعه غير مشروع وهل يحرم أم يكره؟ على الخلاف.

الثالث: ما لم يأمر ولم ينه: فاتباعه مندوب.

وعلى هذا فالاتباع في الفعل لا يكون إلا مندوبًا، لأن هذا هو معنى دلالة الفعل على الاستحباب في حقنا، وهي لا تدل على الوجوب، وقد ذكر أبو شامة أنه لم يجد فقيهًا واحدًا استدل على وجوب أمر واحد، بفعل مجرد للنبي - صلى الله عليه وسلم - دون أن يقترن به ما يدل على الوجوب، فالأصل أن الاتباع في الفعل على الاستحباب إلا أن يرد الدليل بخلاف ذلك (١).

الأدلة على عدم اعتبار الموافقة في حكم الفعل، وأن الاتباع لا يكون واجبًا:

(١) قوله تعالى: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ} [الأحزاب: ٣٧].

قال أبو شامة: "أي جعلنا فعله ذلك دليلًا على إباحته لكم ونفي الحرج عنكم.


(١) هذا وإن كان صحيحًا أنه لم يستدل فقيه واحد بفعل النبي - صلى الله عليه وسلم - على الوجوب (وهذا من أقوى الأدلة على أن فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - المجرد يدل على الاستحباب) إلا أن هذا خارج عن محل النزاع، ولا يرد على القائلين بوجوب التأسي إذ أنهم لم يخالفوا في ذلك.