للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال ابن حزم: "فهذا خبرٌ منقول نقل التواتر عن أبي هريرة - رضي الله عنه -، فلم يوجب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أحدٍ إلا ما استطاع مما أُمر به، واجتناب ما نُهي عنه فقط. ولا يجوز البتة في اللغة العربية أن يقال: أمرتكم بما فعلت وأسقط عليه السلام ما عدا ذلك في أمره، بتركه ما تركهم، حاشى ما أمر به أو نهى عنه فقط. فوضح يقينًا أن الأفعال كلها منه عليه السلام لا تلزم أحدًا، وإنما حَضَّنا الله تعالى في أفعاله على الاتِّساء به بقوله: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} [الأحزاب: ٢١]، وما كان لنا فهو إباحة لأن لفظ الإيجاب إنما هو علينا لا لنا. تقول: عليك أن تصوم رمضان وتصلي الخمس، ولك أن تصوم عاشوراء أو تتصدق، ولا يجوز عكسه" (١).

قال أبو شامة:

"ما ذكره هو ظاهر اللفظ فلا يُعدَل عنه إلا بدليل، كيف وإن فعله لم يكن يظهر في الغالب إلا للقليل من أصحابه، وظاهر حديث أبي هريرة أنه لا واجب عليكم إلا من جهة الأمر والنهي، وأنه ما لم آمركم وأنهكم فأنتم خارجون من عهدة الوجوب والحظر "فذروني ما تركتكم" (٢) ".

(٤) ما ورد من حديث الأعرابي الذي حلف أن لا يزيد شيئًا على ما أخبره النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه واجب عليه، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أفلح إن صدق" (٣).


(١) المحقق من علم الأصول فيما يتعلق بأفعال الرسول - صلى الله عليه وسلم - (ص ٩٧).
(٢) المصدر السابق.
(٣) رواه البخاري (١/ ١٣٠ - ١٣١/ ٤٦) كتاب الإيمان، باب الزكاة من الإسلام، ومسلم (١/ ٤٠ - ٤١/ ١١) كتاب الإيمان، باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام.