أو آداب شرعية، أو لا تكون عونًا في ذلك؛ فوضعها في أصول الفقه عاريةٌ" (١)، أليس تنمية ملكة البحث والاستنباط والاجتهاد تكون بضرب الأمثلة بل والتطويل فيها، مع التوضيح والتفصيل والاستدراك والرد على التوجيهات والاستدلالات مرة بالإلزام بقاعدة أخرى، ومرة بتوضيح عدم اطراد القاعدة، ومرة بالاستثناء منها، أو إدخال ما ليس منها فيها، لدليل أو قرينة وما أشبه ذلك.
ولا يخفى أن أثر التأصيل لا يظهر إذا كان بمنأى عن التطبيق، فعلم الأصول أُضيف إلى الفقه: "أصول الفقه" ولم يُضف للفقه إلا لكونه مفيدًا له، ومحققًا للاجتهاد فيه، فإذا لم يكن مفيدًا فليس هو من أصول الفقه.
وقد حمدت للباحث الكريم سلاسة أسلوبه، وحسن تمثيله، وقربه من روح الكتاب والسنة؛ ليدلل على أن علم أصول الفقه ليس علمًا جامدًا كما يقولون، أو علم استوى واحترق كما يزعمون، بل هو علم مرن ممتع سلس لمن فهمه وأدرك غايته، وأحسن استخدامه، بل هذا العلم على حقيقته وصورته البهيَّة التي وضعها أسلافنا، يقدِّم حلولًا منطقيَّة علميَّة لكثير من إشكالات مسائل الخلاف، ولا أظنني أُغرب إذا قلت: إن حل معضلات مسائل الخلاف محصورة في معرفة علمين لا ثالث لهما: علم أصول الفقه، وعلم أصول الحديث، فالأول يضبط الاستدلال، والآخر يضبط الدليل، وإذا استقام الأمران، استقام الفهم، وقَرُبَ من فهم السلف، وبقدر إدراك