فيه بكونه من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - لا سبيل إلى الاقتداء به فيه، إلا بدليل مثبت في حقنا.
وتوجيه ما ذكره أبو شامة هو أن يقال: إن ما اختص به النبي - صلى الله عليه وسلم - قد لا يكون في صورة الفعل، بل في حكمه، فإذا كانت الخصوصية في الحكم؛ فإن صورة الفعل قد تكون مشروعة في حق الأمة، ولكن لا من حيث كونه خاصًا به، بل لدليل منفصل عن محل الخصوصية، فالفعل ما زال خاصًا بالنبي - صلى الله عليه وسلم - من هذا الوجه، وإن توافقت صورة الفعلين.
فتقرير ما سبق هو: أن الفعل له جهتان قد تكون الخصوصية من أحدهما أو كليهما، فحيث ثبتت الخصوصية انتفت المتابعة، فما كانت خصوصيته من جهة واحدة، ولا تكون إلا الحكم، كان جائزًا أن توافق الأمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صورة الفعل، لكن ليس حكمه في حقه هو حكمه في حقها؛ إذ إن الحكم هو محل الخصوصية، أما ما كانت الخصوصية فيه من الجهتين معًا، فلا سبيل لموافقة الأمة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولو في مجرد الصورة فقط.
ومثال ذلك في الأفعال النبوية التي اختص النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها بحكم فقط: وجوب قيام الليل في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - دون الأمة، فإن قيام الليل مستحب لآحاد هذه الأمة، وهو في حق النبي - صلى الله عليه وسلم - واجب، فجهة الخصوصية هي الحكم فقط، دون صورة الفعل.
أما مثال الأفعال النبوية التي اختص النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها بالحكم والصورة معًا، فكجواز زيادته - صلى الله عليه وسلم - على أربعة نسوة في النكاح، فإن صورة الفعل لا تحصل