١ - أبعد الأقوال عن الاختيار هو القول بالإباحة مطلقًا، أو المنع مطلقًا، وذلك لأنه فيه ترجيح بين الأدلة، ومعلوم أن الجمع أولى من الترجيح، ولا يصار إليه إلا عند التعارض وعدم إمكان الجمع، والجمع ممكن كما سيأتي.
٢ - مما يرد القول بالخصوصية أن الأصل في أفعال النبي - صلى الله عليه وسلم - التشريع، وهنا نقلان من صحابيين في موضعين مختلفين ينقلان فعل النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكيف يحمل هذان النقلان على الخصوصية، ولو قيل: إن رؤية ابن عمر - رضي الله عنهما - للنبي - صلى الله عليه وسلم - كانت اتفاقًا لم يقصدها النبي - صلى الله عليه وسلم - حتى تحمل على التشريع، أليس سكوته عن رؤياه له وعلمه بأنه سيفعل مثلما فعل؛ إقرارًا منه - صلى الله عليه وسلم - له على أن ذلك الفعل ليس فيه خصوصية؟!
٣ - يبقى إذن أحد أمرين:
إما القول بالكراهة أو بالتفصيل بين الصحاري والبنيان.
ولكل من القولين حظ من النظر.
والذي أظنه أقرب للقواعد هو القول بالكراهة دون التفصيل، وذلك لأمور:
أولًا: النهي ظاهرٌ في التحريم، ولكنه يحمل على الكراهة بالقرينة فليس حمله على الكراهة عدم إعمال له.
ففي القول بهذا الرأي إعمال للدليلين معًا من كل وجه، أما في القول بالتفصيل بين الصحاري والبنيان ففيه إعمال لكل دليل في محل غير الدليل الآخر.
ثانيًا: أن حديث جابر - رضي الله عنه - يعكر على القول بالتفصيل، وذلك لأنه