للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما الأول: فلا إشكال فيه كما سبق، أما الثاني: فهو موطن النزاع أو بعبارة أدق: الذي ينبغي أن يكون، وظاهر من الحديث أن الصحابي لم يخصصه بذلك الموضع، أي لم يتعبد بهذا الذكر في هذا الموضع ولا غيره من الصحابة حتى ثبت فضله بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - (١).

فلا يقول أحدٌ إن الصحابي خصص ذلك الموضع بهذا الدعاء وتعبد بذلك قبل إقرار النبي - صلى الله عليه وسلم - له، ثم إن في الحديث ما يشعر أن المستقر عند الصحابة ابتداء أنهم غير مأذون لهم في إحداث ما لم يرد به نص وذلك أنه فهم من سؤال النبي - صلى الله عليه وسلم - الاستنكار ابتداءً حتى بين النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ذلك الفهم غير مراد (٢).


(١) بل قد ورد في رواية النسائي (٢/ ١٤٥) [كتاب الافتتاح، باب قول المأموم إذا عطس خلف الإمام] عن رفاعة بن رافع - رضي الله عنه - قال: صليت خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - فعطست فقلت الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه مباركًا عليه كما يحب ربنا ويرضى، فلما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انصرف، فقال: "من المتكلم في الصلاة؟ " فلم يكلمه أحد، ثم قالها الثانية: "من المتكلم في الصلاة؟ "، فقال رفاعة بن رافع بن عفراء - رضي الله عنه -: أنا يا رسول الله، قال: "كيف قلت؟ "، قال: قلت: الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه مباركًا عليه كما يحب ربنا ويرضى، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "والذي نفسي بيده لقد ابتدرها بضعةٌ وثلاثون ملكًا أيهم يصعد بها".
ففي هذه الرواية أن الصحابي عطس فقال ذلك، وجمع ابن حجر بين تلك الأحاديث بأنه لعله اتفق عطاسه مع رفع النبي - صلى الله عليه وسلم - من الركوع فقال ذلك، جمعًا بين الأحاديث [فتح الباري (٢/ ٣٣٤)].
(٢) قد ورد ما يدل على ذلك: ففي رواية مسلم: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما قال: "أيكم المتكلم؟ " فأرمّ القوم، فقال - صلى الله عليه وسلم -: "أيكم المتكلم بها؟ فإنه لم يقل بأسًا" [رواه مسلم (١/ ٤١٩ - ٤٢٠/ ٦٠٠) كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب ما يقال بين تكبيرة الإحرام والقراءة] وانظر فتح الباري (٢/ ٣٣٤).