للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قالوا: هذه الأحاديث تدل على أن المسكوت عنه باق على الأصل الذي هو الإباحة (١).

والرد عليهم:

أن هذه الأدلة كلها مما يستدل به على أن الأشياء الأصل فيها الإباحة، ولا مدخل له في التعبدات بوجه من الوجوه، والكل يقول بذلك، فالأصل فيما عقل معناه في المعاملات والمطعومات والمشروبات إباحته حتى يرد الدليل بالمنع منه.

لكن أين دلالة تلك الأحاديث على أن الأصل في العبادات الإباحة؟!

فالأحاديث كلها في بيان ما يحل وما يحرم من المطعومات، ومعلوم أن ذلك ليس محله العبادات (٢).

الدليل الرابع:

* ما ورد عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث رجلًا على سرية وكان


(١) استدل بهذه الأدلة الدكتور عيسى الحميدي في كتابه (البدعة الحسنة أصل من أصول التشريع).
(٢) قال في عون المعبود (٦/ ٥٩٨): "وفيه تنبيه على أن التحريم إنما يعلم بالوحي لا بالهوى"، وقال أيضًا: "والحديث يدل على أن الأشياء أصلها على الإباحة" اهـ.
وقال أيضًا (٦/ ٥٩٧): "وقد اختلف الناس في الأشياء أصلها على الإباحة أو على الحظر وهي مسألة كبيرة من مسائل أصول الفقه فذهب بعضهم إلى أنها على الإباحة وذهب آخرون إلى أنها على الحظر وذهبت طائفة إلى أن إطلاق القول بواحد منهما فاسد ولابد من أن يكون بعضها محظورًا وبعضها مباحًا والدليل ينبئ عن حكمه في مواضعه" اهـ.