للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فمن استعمل ذلك المعنى في التعبديات وغيرها: جوَّز حصول البدعة في الدين.

ومن خص البدعة بكونها في التعبديات فقط: منع من حصولها على الإطلاق.

وعلى ذلك فـ "من سن في الإسلام سنة حسنة" معناه: "من أتى بما ليس على مثال سابق".

فإن كان ذلك في غير محل التعبد فذلك معنى صحيح لا إشكال فيه، وهو أصل في إثبات العمل بالمصالح المرسلة.

أما أن يكون ذلك في موطن التعبدات فهذا غير موافق لسبب الحديث أولًا، ولا يجري على قواعد الشرع ثانيًا، إذ يلزم منه أنه لا بدعة في الدين مطلقًا، فأين ذلك من قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كل بدعة ضلالة" (١).

على أن العلماء الذين شرحوا هذا الحديث قالوا: "من سن في الإسلام" أي: من أحيا سنة قد أميتت، ولم يقل أحد قط بجواز إحداث عبادة باعتبار هذا الحديث (٢).


(١) رواه أبو داود (٤/ ٢٠٠ / ٤٦٠٧) كتاب السنة، باب في لزوم السنة، والترمذي (٥/ ٤٣ - ٤٤/ ٢٦٧٦) كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدع، وابن ماجه (١/ ١٥ - ١٦/ ٤٢) المقدمة، باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين، وصححه الألباني في الصحيحة (٦/ ٥٢٦ / ٢٧٣٥).
(٢) قال الشاطبي في الاعتصام (١/ ١٣٠):
[من سن سنة حسنة] الحديث فليس المراد به الاختراع البتة، وإلا لزم من ذلك التعارض بين =