للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= الأدلة القطعية - إن زعم مورد السؤال أن ما ذكره من الدليل مقطوع به، فإن زعم أنه مظنون فما تقدم من الدليل على ذم البدع مقطوع به، فيلزم التعارض بين القطعي والظني والاتفاق من المحققين ولكن فيه بحثًا - أو نظرًا - من وجهين:
أحدهما: أنه يقال: إنه من قبيل المتعارضين إذ تقدم أولًا أن أدلة الذم تكرر عمومها في أحاديث كثيرة من غير تخصيص، وإذا تعارضت أدلة العموم والتخصيص لم يقبل بعد ذلك التخصيص.
والثاني: على التنزل لفقد التعارض، فليس المراد بالحديث الاستنان بمعنى الاختراع وإنما المراد به العمل بما ثبت من السنة النبوية وذلك لوجهين:
أحدهما: أن السبب الذي جاء لأجله الحديث هو الصدقة المشروعة بدليل ما في الصحيح من حديث جرير بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال:
(وذكر الحديث، ثم قال): فتأملوا أين قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: من سن سنة حسنة؟ تجدوا ذلك فيمن عمل بمقتضى المذكور على أبلغ ما يقدر عليه حتى بتلك الصرة فانفتح بسببه باب الصدقة على الوجه الأبلغ، فسر بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى قال: [من سن في الإسلام سنة حسنة] الحديث فدل على أن السنة ها هنا مثل ما فعل ذلك الصحابي، وهو العمل بما ثبت كونه سنة وأن الحديث مطابق لقوله في الحديث الآخر: [من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي - الحديث إلى قوله - ومن ابتدع بدعة ضلالة] فجعل مقابل تلك السنة الابتداع، فظهر أن السنة الحسنة ليست بمبتدعة وكذلك قوله - صلى الله عليه وسلم -: [ومن أحيا سنتي فقد أحبني].
ووجه ذلك في الحديث الأول ظاهر؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لما مضى على الصدقة أولًا ثم جاء ذلك الأنصاري بما جاء به فانثال بعده العطاء إلى الكفاية، فكأنها كانت سنة أيقظها رضي الله تعالى عنه بفعله، ((فليس معناه اخترع سنة وابتدعها ولم تكن ثابتة)) ... فإذًا قوله: [من سن سنة] معناه من عمل بسنة لا من اخترع سنة.
((والوجه الثاني من وجهي الجواب)): أن قوله: [من سن سنة حسنة ومن سن سنة سيئة] لا يمكن حمله على الاختراع من أصل لأن كونها حسنة أو سيئة لا يعرف إلا من جهة الشرع، لأن التحسين والتقبيح مختص بالشرع لا مدخل للعقل فيه وهو مذهب جماعة أهل السنة، =