للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تندرج تحت الأشياء التي الأصل فيها الإباحة (١)، أم أنها صارت جزءًا من العبادة فيكون الأصل المنع حتى يرد الدليل بجواز اعتبار تلك الوسائل؟ (٢)

الذي يظهر لي في ذلك أن هذه الأفعال ما زالت تندرج تحت الأشياء التي لا يراد بها التعبد فيكون الأصل فيها الإباحة، وذلك بشرط أن يكون الفعل لا يقع قربة، فإذا حصل التعبد بتلك الوسيلة فلابد حينئذ من ورود الدليل بجوازها.

ومثال ذلك اتخاذ مكبرات الصوت في الأذان: فإن استعمال مكبرات الصوت أمر مباح باعتبار الأصل، فإذا استعملت في الأذان كان ذلك جائزًا ومباحًا، إلا أن يقول قائل: أنا أتقرب إلى الله تعالى باستعمال المكبرات لذاتها لا لكونها وسيلة، فحينئذ يكون فعله هذا مفتقرًا إلى الدليل بخصوصه.


(١) أي أن: الأفعال التي تقع وسيلة يشترط أن تكون في الأصل فعلًا مباحًا ثم قد يختلف حكمها بعد ذلك باختلاف ما هي وسيلة إليه، فتكون واجبة إذا كانت وسيلة للواجب، محرمة إذا كانت وسيلة للمحرم، لكن إذا كان الفعل في الأصل محرمًا فلن يصح أن يكون وسيلة إلى غيره، وما دام هذا الفعل لا يراد به التعبد فهو مباح بما ذكر من أن الأصل في الأشياء الإباحة، لكن إذا كان وسيلة للعبادة هل ما زال على الإباحة أم انتقل إلى المنع لكونه صار وسيلة للعبادة.
(٢) انظر هذا الموضوع بتفصيل أوسع: قواعد الوسائل في الشريعة الإسلامية (دراسة أصولية في ضوء المقاصد الشرعية)، تأليف: د/ مصطفى بن كرامة الله مخدوم، طبع دار إشبيليا للنشر والتوزيع، ط. الأولى (١٤٢٠ هـ - ١٩٩٩ م)، وعلى الأخص المطلب الخاص بعلاقة البدع بالوسائل (٤٣١ - ٤٣٩).