للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقهي أجاز أن يؤخذ من مال الرجل إذا مات بمقدار الثلث فيوزع على غير الوارثين ممن لم يذكرهم الرجل ولم يوص إليهم: بغير رضا ورثته؟

سادسًا: حاصل ما ذكروه في سبب هذا القانون أنه يراعي مصلحة المسلمين، ومع التسليم بذلك فإن هذه الصلحة ليست مما جدَّ بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - بل كانت موجودة قبل عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، فضلًا عن عهده - صلى الله عليه وسلم -، وأصحابه، وقد أجمع الفقهاء على أن هؤلاء الأولاد محجوبون بأعمامهم من الورثة (١)، فالتكييف الأصولي إذن أن تلك المصلحة: مصلحة مهدرة لكونها كانت قائمة على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ومع ذلك لم يعتبرها النبي - صلى الله عليه وسلم -، مع ما فيها من مخالفة الإجماع، وقد سبق في مبحث الدلالة أن المصالح التي كانت قائمة على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فلم يعتبرها فإنه لا يجوز اعتبارها سواء أكان ذلك في العبادات أم المعاملات.

وعلى فرض أنها مما جدَّ فإن لتحقيق تلك المصلحة طريقًا لا يتعدى على ما حرمه الشرع، وهو ما ذكره أهل العلم قديمًا، بل وانعقد الإجماع عليه من أنه يستحب للرجل أن يوصي لأقاربه غير الوارثين إذا كانوا فقراء، وثمة طريق آخر وهو ما ذكره العلماء من جواز أن يأخذ غير الوارث إذا كان بإذن الورثة ورضاهم (٢).


(١) المغني (٩/ ٢٢ - ٢٣).
(٢) المبسوط (٢٧/ ١٧٩)، تهذيب المدونة (٤/ ٢٧٣).