يكتفي بنية الصلاة أولا كما يكتفي بها إذا كان يجلس للسلام، وهذا فيمن يقدر على الإيماء بشيء من جسده كما يدل له لفظه: وإلا فهو كمن لا يقدر إلا على نية قاله الشيخ علي الأجهوري. ومعنى النية التي ذكر -والله سبحانه أعلم- أن ينوي في الفعل الذي يومئ فيه أنه بدل الركوع وأنه بدل السجود. قاله الشيخ محمد بن الحسن.
ومع الجلوس أومأ للسجود منه؛ يعني أن من عجز عن جميع أفعال الصلاة غير القيام والجلوس يومئ للركوع من قيام وللسجود من جلوس وجوبا، فإن أومأ للسجود من قيام بطلت صلاته.
واعلم أن القادر على الركوع والسجود لا يجوز له الإيماء لهما في الفرض اتفاقا، واختلف في جوازه في النافلة، فعند ابن القاسم: لا يجوز خلافا لابن حبيب، فإنه أجاز له إذا صلى جالسا أن يومئ للسجود من غير علة. قاله الش. وعلى قول ابن القاسم: إن أومأ من غير علة أجزأه كما قال ابن يونس. وقوله: للسجود يشمل السجدتين. ويكون الضمير في قوله:"منه" عائدا على الجلوس؛ لأنه أقرب مذكور -كما قررت- فيجب الإيماء لهما أي للسجدتين من جلوس، فإن لم يفعل بطلت صلاته -كما مر في أول الحل- ويحتمل أن يكون الضمير في قوله:"منه" عائدا على القيام، فيكون موافقا لأبي إسحاق القائل يومئ للسجدة الأولى من قيام لكنه ضعيف. قاله الشيخ إبراهيم. وقال الشيخ بناني: عزاه ابن بشير للأشياخ، ومن قدر على الجلوس ولم يومئ منه، بطلت صلاته.
وهل يجب فيه الوسع؛ يعني أن من يصلي إيماء من قيام أو جلوس، اختلف فيه هل يجب عليه أن يبذل غاية وسعه؛ أي طاقته في الإيماء للركوع والسجود؟ وعلى هذا لا يبالي بمساواة إيماء الركوع لإيماء السجود، وعدم تمييز أحدهما عن الآخر حتى لو قصر عنه بطلت صلاته، وهذا التأويل هو ظاهر ما في مختصر ابن شعبان ونحوه في مختصر ما ليس في المختصر، فإنه قال: إذا أومأ إلى حد يطيق من الانحطاط أكثر منه فسدت صلاته واستظهر لأنه الأقرب إلى الأصل، أو لا يجب عليه بذل الوسع، بل يكفيه أدنى ما يطلق عليه إيماء لهما وهو ظاهر المدونة عند اللخمي والمازري، لقوله فيها: وإذا صلى إيماء جعل إيماءه للسجود أخفض منه للركوع، ففيه بيان أنه لا