للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال جامعه عفا الله عنه: وإذا تأملت هذا علمت أن قوله: "وهو المختار": ليس جاريا على اصطلاحه، وإنما هو قول اللخمي من نفسه. كما أشار إلى ذلك الشيخ محمد بن الحسن. والله سبحانه أعلم.

وإن قدر على الكل وإن سجد لا ينهض أتم ركعة؛ يعني أن المصلي إذا كان يقدر على جميع أركان الصلاة ولكنه إذا سجد لا يقدر بعد سجوده أن يأتي بالقيام، فإنه يأتي بركعة تامة بسجدتيها؛ ثم بعد أن أتمها بسجدتيها، جلس. أي استمر جالسا وبقية صلاته؛ لأن السجود أعظم من القيام في الإجلال لخبر: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد (١))، وللاتفاق على وجوبه، ولأن المكلف يطلب أولا بما قدر عليه: ولا ينتقل عنه حتى يتحقق عجزه، وقيل: يصلي قاتما بركوع وإيماء لسجود إلا في الأخيرة فيركع ويسجد. قاله الشبراخيتي. وذكر عكس قوله: أو لخوفه الخ، بقوله: وإن خف معذور انتقل للأعلى؛ يعني أن المعذور؛ أي العاجز عن بعض أركان الصلاة أو هيئةٍ مندوبةٍ فيها إذا خف في أثناء الصلاة أي قدر على أن يأتي بما هو أعلى من حالته التي كان يصلي عليها، فإنه ينتقل إلى الحالة العليا وجوبا فيما يجب فيه الترتيب، وندبا فيما يندب فيه. كما في حالات الاضطجاع على ما تقدم؛ فإن لم ينتقل بطلت فيما يجب فيه الترتيب، لا فيما يندب. وفهم من قوله: "انتقل"، أنه خف وهو في الصلاة، وأما إن خف بعدها فلا إعادة عليه في وقت ولا في غيره. كما في سماع عيسى. بخلاف غريق صلى إيماء لعجزه فيعيد في الوقت، ولعل الفرق أن المرض وإن زال يبقى أثره مدة غالبا، فخفف عنه بعدم الإعادة، والغرق إذا زال لا يبقى أثره غالبا وقوله: "انتقل للأعلى"؛ أي لأنه لما زال عنه العذر وجب أن يأتي بالأصل، وهذا هو المذهب وقاله في المدونة. وخرج قول بأنه: يبتدئ ولا قائل بأنه يتمها على ما كان عليه. قاله الإمام الحطاب.

وإن عجز عن فاتحة قائما جلس؛ يعني أن المصلي إذا عجز عن أن يقرأ الفاتحة كلا أو بعضا سواء قدر على القيام بقدرها بدون قراءتها أم لا، فإنه يجلس لأجل أن يقرأها بعد أن يكبر


(١) مسلم، كتاب الصلاة، رقم الحديث: ٤٨٢.