الركعة الثانية مثل ذلك (١)). وظاهر إطلاقهم أنه يجوز تكرار القيام والجلوس ولو كثر. واستظهره بعض فليس من الأفعال الكثيرة. وكان سعيد بن جبير يصلي قاعدا محتبيا، فإذا بقي عليه عشر آيات قام فقرأ وركع، وقوله:"ولمتنفل جلوس"، وأحرى القيام مستندا، وفي المدونة: ولا يتوكأ في المكتوبة على حائط أو عصى ولا بأس به في النافلة. انتهى.
إن لم يدخل على الإتمام؛ يعني أن المتنفل إنما يجوز له الجلوس حيث لم يدخل على شرط الإتمام قائما، فإن دخل عليه قائما لم يكن له الجلوس، وظاهره التزم ذلك بلفظ النذر أولا وهو لأشهب، وأجازه ابن القاسم وهو أحسن، ولذلك حملوا المصنف على أن معناه: دخل على الإتمام قائما ملتزما للقيام بأن ينذره باللفظ وهو صادق بما إذا افتتحها قائما، ولا نية له بأي وجه يتمها، أو نوى إتمامها قائما ولم ينذر، وإن التزم الإتمام قائما وأتم جالسا أثم ولا تبطل صلاته كذا ينبغي. قاله الشيخ إبراهيم. وغيره. وقال الشيخ الأمير: ولمتنفل جلوس ولو في أثنائها إن لم ينذر القيام ولا يلزم بمجرد النية. وقوله:"إن لم يدخل على الإتمام".
اعلم أن الصور أربع، ثلاث يجوز فيها الجلوس؛ وهي منطوق المصنف وهي: نية الإتمام قائما، نية الجلوس، عدم نية شيء منهما. ومفهومه واحدة؛ وهي ما إذا نذر القيام نذر أصل النفل أولا. وبما قررت علم أن معنى قول المصنف:"إن لم يدخل على الإتمام" لم يلتزم الإتمام قائما بالنذر بأن ينذره باللفظ، فالدخول هنا بمعنى الالتزام بالنذر. كما قاله الشيخ محمد بن الحسن، وغيره. ابن عرفة: وفي جواز جلوس مبتدئه قائما اختيارا قولان لها ولأشهب. انتهى. واختلف المتأخرون في محل هذا الخلاف، فذهب ابن رشد وأبو عمران إلى عمومه في الثلاث الأول، وذهب بعض شيوخ عبد الحق إلى قصره على الثانية والثالثة، وأما الأولى؛ وهي أن ينوي الإتمام قائما فيلزمه باتفاقهما لأنه يصير بالنية كنذر. وذهب اللخمي إلى أن محله هو الأولى فقط، وأما إن نوى
(١) البخاري، أبواب تقصير الصلاة، رقم الحديث: ١١١٨. مسلم، صلاة المسافرين، رقم الحديث: ٧٣١.