للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسمع حمدها فلا يشمتها، كما لا يرد سلامها، وأما الكافر فيقول له: هداك الله، لما ورد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول لليهود الذين يعطسون بحضرته: (يهديكم الله ويصلح بالكم (١)) ولا يجوز لأحد أن يقول للكافر: يرحمك الله؛ لأن الكافر لا يرحم إلا أن يؤمن. انتهى. وفي الشادلي: ويبلغ بالتشميت ثلاثا، فإن زاد عن الثلاث، قال له: إنك مضنوك.

أو مبشر؛ يعني أنه لا سجود على الشخص فيما إذا بشر فحمد الله عز وجل وهو في الصلاة، وقوله: "أو مبشر" بفتح المعجمة، وكذا لا سجود في استرجاع في مصيبة؛ وقوله: "ولا لحمد عاطس أو مبشر"، نفي السجود في هذا يدل على أن الحمد وقع منه سهوا، ولهذا قال: وندب تركه؛ يعني أنه يندب للمصلي ترك ما ذكر من الحمدين؛ أي حمد العطاس، وحمد التبشير. والظاهر الكراهة لقول ابن القاسم: لا يعجبني قوله لخبر يسمعه: (الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات (٢))، أو على كل حال أو استرجاعه لصيبة، وصلاته مجزئة، وخبر رفاعة: (صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فعطست فقلت الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما تُحب ربَّنا وتَرضى، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم صلاته، قال ثلاثا: من المتكلم في الصلاة؟ فلما لم يتكلم أحد، قلت في الثالثة: أنا يا رسول الله، فقال: والذي نفسي بيده لقد ابتدرها بضعة وثلاثون ملكا أيهم يصعد بها (٣))، يقتضي عدم تركه. قاله الشيخ إبراهيم وسمع القرينان: من قال عند سماع قراءة إمامه الإخلاص: الله كذلك، لم يعد، ومثله: صدق الله العظيم، وكذا: الله رب العالمين، عند سماع آخر سورة تبارك، وعند: أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى، بلى إن الله قادر، وعند قوله إياك نستعين، استعنا بالله، فالأولى ترك جميع ذلك ولو في نافلة. وفي الشادلي أن: المصلي إذا عطس يحمد الله في نفسه.

ولا لجائز؛ يعني أنه لا سجود في أمر يجوز ارتكابه في الصلاة حيث وقع سهوا، واعترض بأنه يقتضي أن ما قبله ليس من الجائز مع أن بحضه جائز، وأجيب بأن المراد هنا نوع خاص من


(١) أبو داود، كتاب الأدب، رقم الحديث: ٥٠٣٨. الترمذي، كتاب الأدب، رقم الحديث: ٢٧٣٩.
(٢) ابن ماجه، كتاب الأدب، رقم الحديث: ٣٨٠٣.
(٣) الترمذي، كتاب الصلاة، رقم الحديث: ٤٠٤. النسائي، كتاب الافتتاح، رقم الحديث: ٩٣١.