للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الباقي: لعل إعادتهم في الوقت. وانظر لو كان كلما شرع في فرض ضحك، هل تسقط عنه؟ كمن كلما صام عطش عطشا يوجب الفطر، أو يصلي على حالته، كمن كلما دخل في الصلاة أحدث؟ وهو الظاهر، واقتضى تمادي المأموم أن وضوءه لا ينتقض وهو مذهب الأكثر، خلافا لأبي حنيفة متمسكا بأن أعمى وقع في حفرة في المسجد فقهقه بعض المصلين، (فأمره صلى الله عليه وسلم بإعادة وضوئه وصلاته (١)). وأجيب بضعفه، وحجة المذهب خبر الدارقطني؛ وهو قوله عليه الصلاة والسلام: (القهقهة تنقض الصلاة ولا تنقض الوضوء (٢)). قاله الشيخ إبراهيم. وقال الشيخ محمد بن الحسن: حاصل ما قرر به الزرقاني وغيره أن الصور ست؛ لأن الضحك ابتداء، إما عن عمد أو غلبة أو نسيان، وفي كل إما أن يقدر على تركه بعد وقوعه، أو لا ويتمادى المأموم في صورتين، وهما إن كان ضحكه عن غلبة أو نسيان ولم يقدر على الإمساك عنه، وفي الأربع الباقية يقطع. قلت: وفيه نظر، أما أولا فلأن هذا التقرير لا يلائم القيود التي ذكروها في التمادي، بل هي تناقض موضوعه، وأما ثانيا فلمخالفته للنقل، فإن الذي في التوضيح والحطاب والبيان لابن رشد أن: الصور ثلاث فقط؛ وهي إما عن عمد، أو غلبة، أو نسيان، فيتمادى في الأخيرتين دون الأولى، ولا يقيد تماديه بعدم القدرة على الإمساك في الأثناء، بل قالوا: إذا لم يقدر على الإمساك في الأثناء يقطع ليلا يخلط على من معه.

وحاصل ما في البيان أن العامد غير المغلوب تبطل صلاته، ويقطع ولو مأموما، ولا يستخلف الإمام لأنه أبطل عليه وعلى من خلفه، والمغلوب يستخلف إن كان إماما، وكذلك الناسي ويتمادى المأموم المغلوب والناسي. قال: وهذا يأتي على قول ابن القاسم وروايته عن مالك، وقال فضل: إن استخلف الإمام فإنه يقطع ويدخل معهم؛ لأن الصلاة قد فسدت عليه لضحكه وهذا لا يلزم إذ لا يقطع بفساد صلاته، ولذلك أمر المأموم بالتمادي. قال ابن رشد: والأظهر أن صلاة المستخلف


(١) كنا نصلي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء رجل ضرير البصر فتردى في حفرة كانت في المسجد فضحك ناس من خلفه فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من ضحك أن يعيد الوضوء والصلاة. الدارقطني، ج ١ ص ١٦٢.
(٢) الضحك ينقض الصلاة ولا ينقض الوضوء. الدارقطنى، ج ١ ص ١٧٣.