واعلم أن القهقهة في غير الصلاة مكروهة عند الفقهاء، وحرام عند الصوفية قاله الأقفهسي. ولعل المراد بالحرمة الكراهة الشديدة، أو أنهم نظروا فيها لمعنى يوجب التحريم عند الفقهاء لو اطلعوا عليه؛ إذ الصوفية لا يخالفون الشرع، ومن ذلك قول بعض الصوفية بجواز سماع بعض آلات اللهو المحرمة عند الفقهاء لسماعه منها ذكر الله دون اللهو، فالجواز قاصر على من هو بتلك الصفة، ومن ذلك إتلاف الشبلي ما يلبسه بنحو حرقه، مجيبا من قال له: جاء النهي عن إضاعة المال؛ بأن إضاعته لمداواة مرض بدني غير منهي عنها بل مطلوبة، فكيف بإضاعته لمداواة مرض ديني؟ وأنا أفعله لذلك. قاله الشيخ عبد الباقي.
وتمادي المأموم؛ يعني أن المأموم إذا قهقه فإنه تبطل صلاته ويتمادى عليها وجوبا حتى يتمها، وأما الفذ والإمام فإنهما يقطعان في القهقهة مطلقا عمدا، أو غلبة أو نسيانا؛ فتلك ثلاث صور. وقوله: إن لم يقدر على الترك شرط في تمادي المأموم؛ يعني أن تمادي المأموم إنما هو في اثنتين من الصور المذكورة في الفذ والإمام، وهما ما إذا كان ضحكه عن غلبة أو نسيان، ويقطع في الأربع الباقية. وإنما تمادى المأموم في الصورتين المذكورتين مراعاة لقول سحنون بصحة الصلاة، وإذا تمادى المأموم فإنه يعيد وجوبا بعد إتمام صلاته التي تمادى فيها لبطلانها. وقد علمت أن محل كلام المصنف إن لم يكن ضحك ابتداء عمدا وإلا لم يتماد في الغلبة بعد، إن لم يقدر على الترك بعد وكلام المصنف مقيد بغير الجمعة، وينبغي تقييده أيضا، والناسي بما إذا لم يخف بتماديه خروج الوقت، وإلا قطع، وبما إذا لم يلزم على بقائه ضحك المأمومين أو بعضهم وإلا قطع، ويجري هنا ما يأتي في جمع الظهرين لمن تحصل له القهقهة في جميع وقت إحدى المشتركتين الاختياري قدم أو أخر، فإن كان يقهقه بعد ما يسع صلاة الظهر والعصر بعد الزوال إلى الغروب قدم العصر، وإن كان يقهقه إلى أن يبقى للغروب ما يسعهما أخرهما، وكذا يجري بقية ما يجري في الجمع هنا. ومفهوم قوله:"وتمادى المأموم" أن الفذ يقطع مطلقا -كما مر- وكذا الإمام -كما مر- أيضا، وتبطل على مأموميه أيضا إن تعمد لا سهوا أو غلبة فعليه دونهم، ولابن القاسم في العتبية ونحوه في الموازية أن: الإمام يستخلف في الغلبة والسهو، ويرجع مأموما ويعيد أبدا، وهل يعيد مأمومه أم لا؟ واستظهره ابن رشد قولان، وقوله: وهل يعيد مأمومه، قال الشيخ عبد