لأن نفقتها بعوض وهذا صادق بما إذا كان في غير صلاة أو فيها، ووجبت الإجابة. والظاهر أنه يقدم إجابة الأم على إجابة الأب. وتبطل الصلاة إذا وجب أكله أو شربه لإنقاذ نفسه، ووجب عليه القطع ولو خشي خروج الوقت، وإن وجب الكلام لإجابته صلى الله عليه وسلم لم تبطل، وقيل: تبطل، ولعل المراد إجابته لمن يمكن اجتماعه به الآن يقظة كالمرسي، وأما في حياته صلى الله عليه وسلم فلعل معناه اعتقاد كونه من خصائصه صلى الله عليه وسلم: وعدم بطلان صلاة مجيبه: ومثل وجوب الكلام لإنقاذ أعمى، وجوبه لخوف ذهاب مال أو دابة: على ما مر فيها من الأقسام الثمانية. وروى الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه:(لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة: عيسى ابن مريم، وصاحب جريج (١)): وكان جريج رجلا عابدا فاتخذ صومعة فكان فيها، فأتته أمه وهو يصلي، فقالت: يا جريج، فقال: اللهم أمي وصلاتي، فأقبل على صلاته، فقالت بعد ثالث يوم في ثالث مدة: اللهم لا تمته حتى ينظر في وجوه المومسات، فتذاكر بنو إسرائيل جريجا وعبادته، وكانت امرأة بغي يتمثل بها، فقالت: إن شئتم لأفتتنه فتعرضت له فلم يلتفت إليها، فأتت راعيا كان يأوي إلى صومعته فأمكنته من نفسها فوقع عليها فحملت، فلما ولدت، قالت: هو من جريج: فأتوه فأنزلوه من صومعته فهدموها وجعلوا يضربونه، فقال: ما شأنكم؟ فقالوا: زنيت بهذه البغي، فولدت منك، فقال: أين الصبي؟ فجاءوا به، فقال: دعوني حتى أصلي، فصلى، فلما انصرف أتى الصبي فطعن في بطنه، فقال: يا غلام من أبوك؟ فقال: فلان الراعي، فأقبلوا على جريج يقبلونه ويتمسحون به، وقالوا: نبني صومعتك من ذهب، قال أعيدوها من لبن كما كانت ففعلوا وبينما صبي يرضع من أمه ورجل على دابة باهرة وشارة حسنة، فقالت المرأة: اللهم اجعل ابني مثل هذا، فترك الثدي وأقبل عليه ينظر إليه وقال: اللهم لا تجعلني مثله، ثم أقبك على ثديه وجعل يرضع، قال: فإني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحكي ارتضاعه بإصبعه السبابة في فيه يمصها. ومروا بجارية يضربونها ويقولون: زنت سرقت، وهي تقول: حسبي الله ونعم الوكيل، فقالت أمه: اللهم لا تجعل ابني مثلها [فترك الرضاع ونظر
(١) البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء، رقم الحديث: ٣٤٣٦. مسلم، كتاب البر والصلة، رقم الحديث: ٢٥٥٠.