للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسلام؛ يعني أنه كما لا إحرام في سجود التلاوة، لا سلام منه على المشهور، بخلاف سجود السهو الذي هو من توابع الصلاة، وفي الأبي في شرح مسلم: لا خلاف أن سجود التلاوة يفتقر إلى طهارة الحدث والدنس والنية والاستقبال، ومعنى النية فيه أن ينوي أداء هذه السنة التي هي السجدة، فما في كلام بعضهم من أنها لا تفتقر للنية مشكل. والظاهر أن إحرامه وسلامه مكروه، إلا أن يفعله خروجا من الخلاف. قاله الشيخ إبراهيم.

قارئ: فاعل سجد، وهو مهموز، وفي بعض النسخ منقوصا عومل معاملة قاض، وقوله: "قارئ"، أي يسجد القارئ ولو غير بالغ، فقول الشيخ عبد الباقي: ولابد من كونه بالغا، غير صحيح. وقد وقع في كلام المازري ما يوهم التقييد بالبلوغ، وليس ذلك بمراد، بل إنما ذكر هناك البلوغ في المتعلم ليجلب به سجود المستمع، المعلم فلا تغتر به. انتهى. قاله الشيخ محمد بن الحسن بناني. وقال الشيخ الأمير: سن لبالغ على الراجح مما في الأصل، وندب لصبي سجود بشرط الصلاة النافلة. انتهى. ويطلب بها ولو ماشيا، وينحط لها من قيام، ولا يجلس لياتي بها منه، وينزل الراكب، ولا يكفي عنها إيماء إلا في سفر قصر -كما مر- ومستمع؛ يعني أنه كما يسجد القارئ يسجد المستمع ولو غير بالغ، فاشتراط البلوغ في المستمع غير صحيح أيضا. كما قاله الشيخ محمد بن الحسن. والمستمع هو: المصغي بسمعه.

واعلم أن الاستماع قد يكون ممدوحا، كالاستماع لما يرشد إلى معرفة الله تعالى ونحو ذلك، وقد يكون مذموما، وفي الحديث: (من تسمع حديث قوم بغير إذنهم صب في أذنيه الآنك يوم القيامة (١))، والآنك بفتح الهمزة المدودة، وضم النون: الرصاص المذاب، وموضعه فيمن يستمع مفسدة كنميمة، وأما مستمع حديث قوم لقصد منعهم من الفساد؛ أي ليتحرز من شرهم فلا يدخل تحته، بل قد يندب، بل قد يجب بحسب المواطن.


(١) ومن استمع إلى حديث قوم وهم له كارهون أو يفرون منه صب في أذنه الآنك يوم القيامة. البخاري، كتاب التعبير، الحديث: ٧٠٤٢.