للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واعلم أن كل ما لا يجوز النطق به لا يجوز سماعه، فقد قال صلى الله علية وسلم: (المستمع شريك القائل (١) وقال صلى الله عليه وسلم: (مستمع الغيبة أحد المغتابَيْنِ (٢) وفي الحديث الصحيح: (ولا يتناجى اثنان دون واحد (٣) قال النووي: النهي للتحريم، فيحرم على الجماعة المناجاة دون واحد منهم، ومذهب ابن عمر ومالك وأصحابه وجمهور العلماء: أن النهي عام في كل الأزمان، وفي الحضر والسفر، وقال عياض: في السفر دون الحضر، وتعقبه القرطبي: بأن هذا تخصيص لا دليل عليه، قال ابن عبد البر: ولا يجوز لأحد أن يدخل على المتناجيين في حال تناجيهما. انتهى. ولا ينبغي للداخل القعود عندهما ولو تباعد عنهما إلا بإذنهما، وصرح في الجلاب بأن النهي عن التناجي المذكور للكراهة، وقوله: ولا يتناجى اثنان، قال العلماء: وكذلك الجماعة إذا أفردوا واحدا منهم، ولا بأس باثنين دون اثنين، وجماعة دون جماعة إن أمنت الفتنة. وفي الحديث: (من ترك المراء وهو محق بنى الله له بيتا في أعلى الجنة، ومن ترك المراء وهو مبطل بنى الله له بيتا في ربض الجنة (٤)). انتهى. المراء كل اعتراض على كلام الغير بإظهار خلل فيه إما في اللفظ من جهة النحو، أو من جهة اللغة أو النظم، أو التقديم والتأخير، وإما في المعنى، وترك المراء بترك الإنكار والاعتراض بكلام سمعته، فإن كان حقا فصدق به، وإن كان باطلا ولم يكن متعلقا بأمور الدين فاسكت عنه. والمجادلة عبارة عن قصد إفحام الغير وتعجيزه وتنقيصه بالقدح في كلامه، ونسبته إلى القصور بالقدح في كلامه ونسبته إلى القصور والجهل فيه والربض بفتح المراء والموحدة بعدها ضاد معجمةٌ: الأسفلُ. قاله ابن زكري. وفي الشادلي على الرسالة: أن المراء التحيل على دفع الحق بالباطل وجحود الحق بعد ظهوره، وأن الجدال مناظرة أهل البدع. انتهى. وقوله: فقط، راجع لمستمع لا لقارئ؛ إذ لا محترز له، قاله الشيخ إبراهيم.


(١) روى ابن أبى الدنيا عن عمرو بن عتبة بن أبي سفيان أنه قال لمولى له نزه سمعك عن استماع الخنا كما تنزه لسانك عن القول به فإن المستمع شريك القائل. الإتحاف، ج ٧ ص ٥٤٣.
(٢) المستمع أحد المغتابين. الإتحاف، ج ٧ ص ٥٤٣.
(٣) إذا كان ثلاثة فلا يتناجى اثنان دون واحد. مسلم، كتاب السلام، رقم الحديث: ٢١٨٣.
(٤) الإتحاف، ج ١ ص ٣٠٠.