للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واحترز بقوله: "فقط"، عن السامع من غير إصغاء، ويسجد المستمع بثلاثة شروط: أولها قوله: "إن جلس". المستمع، ليتعلم؛ يعني أن المستمع إنما يسجد إذا كان قد قصد باستماعه التعلم للقرءان ليحفظه، أو ليتعلم أحكامه من مخارج وإدغام وإظهار وإخفاء وغير ذلك، ويشمل كلامه ما إذا جلس ليتعلم ما يجوز من الأحكام كمد عارض: وهو ما يكون بعرض السكون لأجل الوقف كمد {نَسْتَعِينُ}، فإنه جائز كما أن قصره كذلك، وقوله: "ليتعلم"، وكذا الحكم لو جلس ليعلم، كما في الأمير، ولو جلس لسماع أو ثواب أو سجود فقط لم يسجد، وعبارة الشارح: فلا يسجد السامع غير القاصد للاستماع، ولا من جلس ليسمع القرآن لا لتعليم، وقاله في العتبية، وقال ابن حبيب: يسجد إلا أن يكون القارئ غير صالح للإمامة كالصبي والمرأة. وعلم مما قررت أن المقصود بالجلوس الانحياز للقارئ بجلوس أو غيره من قيام أو اضطجاع، ولكن عبر بالغالب. قاله الشيخ محمد بن الحسن. وقال الشيخ إبراهيم ولو قال المصنف، إن كان ليتعلم ليشمل من جلس ومن كان غير جالس لكان أشمل. انتهى.

ولو ترك القارئ؛ يعني أن المستمع يسجد ولو ترك القارئ السجدة؛ لأن كلا منهما مأمور بالسجود، فترك أحدهما له لا يسقطه عن الآخر إلا أن يكون القارئ إماما فيتركها المأموم أيضا بلا خلاف، فإن تركها الإمام القارئ وسجدها المأموم بطلت صلاته، فيما يظهر. قاله الشيخ إبراهيم. أي لقوله: وبتعمد كسجدة بخلاف سجود السهو -كما مر- لأنه جابر، ولو تركها المستمع وإن عمدا، وفعلها الإمام صحت صلاة المأموم كما ذكره ابن عرفة، وغيره ورد المصنف "بلو" قول مطرف، وابن حبيب، وأصبغ، وعبد الملك، وابن عبد الحكم القائلين بعدم السجود، والحجة لهم قوله صلى الله عليه وسلم للذي قرأ ولم يسجد: (كنت إماما فلو سجدت لسجدنا معك (١))، وصوبه ابن يونس. وثانيها: قوله: (إن صلح) القارئ (ليؤم) يعني أن المستمع إنما يسجد إذا كان القارئ صالحا للإمامة، وصلح بفتح اللام وضمها ولم يعطفه بالواو لتخالف فاعلي الفعلين، كقوله تعالى: {وَلَا يَنْفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدْتُ أَنْ أَنْصَحَ لَكُمْ إِنْ كَانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ


(١) كنت إماما فلو سجدت سجدت معك. البيهقي، ج ٢ ص ٣٢٤.