للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شفقة على أهله عند صومه ليلا ينتظروه بالعشاء، ولم يرد شيء معين في النفل قبل العشاء إلا عموم قوله صلى الله عليه وسلم: (بين كل أذانين صلاة (١)). والمراد الأذان والإقامة والمغرب مستثناة، وفي اللمع أن: العشاء كالظهر. وقد مر أن من نوى النفل أربعا له أن يسلم من ركعتين، وإن أفسده وقد نواه أربعا؛ فإن أفسده قبل عقد الثالثة قضاه ركعتين فقط لا أنه يصلي ركعتين ويسلم منهما، ثم يصلي ركعتين وبعد عقد الثالثة قضاه أربعا. واستفيد من هذا أن النفل المفسد يجب قضاؤه وبه صرح ابن الحاجب، فقال: وإن قطع نافلة عمدا لزمه إعادتها، بخلاف المغلوب. وقال الشيخ الأمير: ندب نفل وتأكد في الرواتب بلا حد، والأفضل الوارد وبعد الأذكار وكره نية جبر الفرض، ثم قال: وهذا كمن يعبد لا في نظير ثواب مع أنه مؤمن فالنية قدر زائد على العلم؛ فإنها من قبيل الإرادات. وقد علمت أن قضاء النفل المفسَد واجب، وإنما لزمه إعادته لوجوبه بالشروع فيه عندنا، ولا عذر له. قاله في التوضيح.

والضحى؛ عطف على النفل المتأكد؛ يعني أنه يتأكد ندب صلاة الضحى، كما هو ظاهر أبي عمر، وصرح به ابن العربي، ومن أتى بها كان من الأوابين، وحمى ثلاثمائة وستين عضوا من النار. وفي الحديث: (كان صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى حتى نقول لا يدعها، ويدعها حتى نقول لا يصليها (٢)). وهذا بناء على أنه كان غير واجب عليه. خلاف ما مشى عليه المصنف في الخصائص، وكان هنا تدل على التكرار بلا خلاف. والله تعالى أعلم. وفي خبر أبي هريرة: (أوصاني خليلي بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام (٣))، وبعث النبي صلى الله عليه وسلم بعثا فأعظموا الغنيمة وأسرعوا الكرة، فقال رجل: (يا رسول الله ما رأينا بعثا قط أسرع كرة ولا أعظم غنيمة من هذا البعث، فقال: ألا أخبركم بأسرع كرة منه وأعظم غنيمة رجل توضأ فأحسن الوضوء، ثم عمد إلى المسجد فصلى فيه الغداة، ثم عقب


(١) البخاري، كتاب الأذان، رقم الحديث: ٦٢٤. ومسلم، كتاب صلاة المسافرين، رقم الحديث: ٨٣٨.
(٢) الترمذي، كتاب الوتر، رقم الحديث: ٤٧٧.
(٣) البخاري، كتاب الصوم، رقم الحديث: ١٩٨١.