للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشيخ عبد الباقي: وإذا صلاها ببيته، فهل وحده أو مع أهل بيته؟ قولان، ولعلهما في الأفضلية. وفي الحديث: (عليكم بالصلاة في بيوتكم، فإن خير صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة (١)). وفي الحديث: (فضل صلاة الخلوة في التطوع على صلاة الجماعة في العلانية؛ أي في التطوع كفضل الجماعة في الفريضة على صلاة الفذ (٢)). واعلم أن الرياء إيقاع القربة يقصد بها الناس لجلب خير أو دفع ضر، أو تعظيمهم له، فخرج بالقربة غيرها كالتجمل باللباس ونحوه، فلا رياء فيه، ومن عمل دقه ليوسع عليه في الدنيا فهو إخلاص عند القرافي، ورياء عند الغزالي، وإن عمل له ليوسع عليه في الدنيا لكن لأجل التعفف عن الناس والقوة على طاعة الله فهذا ليس برياء عند الغزالي، وأولى عند القرافي. وعلم من هذا أن الإخلاص على ثلاثة أنواع: أعلى وهو ما كان لله فقط، وأدنى، ومتوسط؛ فالمتوسط إخلاص باتفاق الشيخين، والأدنى إخلاص عند القرافي لا عند الغزالي. والله سبحانه أعلم. والتسميع، هو إخبار الناس بالعمل بعد فعله خالصا لله لغرض من أغراض الرياء، الثلاثة فهو بعد العمل والرياء مقارن للعمل. وفي الخبر: (من سمَّع سمَّع الله به يوم القيامة (٣))؛ أي ينادى هذا فلان عمل عملا ثم أراد به غيري، وأما الإخبار ليقتدى به أو تحدثا بنعمة الله حيث وفقه الله فليس من التسميع المحرم. وقوله: "وانفراد فيها" الخ؛ اعلم أنه يكره لمن بالمسجد الانفراد عن الجماعة الذين يصلونها به، وأولى إذا كان انفراده يعطل جماعة المسجد فصلاتها ببيته جماعة أو مفردا أفضل من صلاتها بالمسجد مع جماعة إن لم يعطل المسجد، فإن عطل فالأفضل المسجد. واعلم أن كون الصلاة بمسجد المدينة أفضل من الصلاة في غيره، خاص بالفرض، وقال ابن حبيب: النافلة فيه مضاعفة أيضا بألف؛ وهذا في أفضلية الصلاة في المسجد النبوي، وليس في الجماعة التي الكلام فيها.


(١) البخاري، كتاب الأدب، رقم الحديث: ٦١١٣. مسلم، كتاب صلاة المسافرين، رقم الحديث: ٧٨١.
(٢) .... وفضل صلاة التطوع في البيت على فعلها في المسجد كفضل صلاة الجماعة على المنفرد. الجامع الصغير، الحديث: ٥٨٦٩.
(٣) البخارى، كتاب الأحكام، رقم الحديث: ٧١٥٢.