للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكثر فيه المسبحون بالصوت الرفيع، بحيث ينتبه، ولو ثقل نومه غالبا. قاله الشيخ إبراهيم. وقوله: آخر يتنازعه العاملان قبله، ومفهوم قوله: "لمنتبه"، أن من عادته عدم الانتباه، أو استوى الأمران عنده يندب له تقديمه، وندب في الثانية احتياطا. وفي الرسالة وابن يونس ما يفيد ندب تأخيره في الثانية، وقوله: "وفعله لمنتبه" الخ، إلا إذا كان يصليه أول الليل بالأرض وآخره إيماء، فيندب تقديمه ثم يتنفل آخر الليل على دابته، وكان أبو بكر يقدم وعمر يؤخر، فسألهما النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو بكر: (أصلي ثم أقوم، فأصلي فلا أوتر، فقال له: أخذت بالحزم؛ يعني الاحتياط. وقال عمر: أصلي ثم أنام، ثم أقوم فأصلي وأوتر: فقال: أخذت بالقوة (١)) وقال الشيخ الأمير: والأفضل لمن لا يغلب عليه النوم فعله آخر الليل. انتهى. قال الرماصي: كان الصديق يوتر أول الليل، وعمر يؤخره؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم. (إن الأول أخذ بالحزم والثاني أخذ بالقوة (٢)). ورأيت لبعض الصوفية أن الصديق تحقق بمقام ما خرج مني نفس وأيقنت أن يعود، وعن علي أنه يوتر أول الليل بركعة فإذا انتبه صلى ركعة ضمها للأولى، فيكون شفعا، ثم تنفل ما شاء، ثم أوتر؛ وهو مذهب له رضي الله تعالى عن الجميع وعنا بهم. انتهى. وقوله: "وفعله لمنتبه آخر الليل"، الأصل فيه حديث جابر رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليد وسلم: (من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله ثم ليرقد، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل فإن صلاة آخر الليل مشهودة محضورة وذلك أفضل (٣)). أخرجه مسلم والترمذي. قاله في التيسير. وفيه: عن الخمسة إلا الترمذي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (اجعلو آخر صلاتكم بالليل وتراد (٤)). وقال صلى الله عليه وسلم: (ينزل ربنا كل ليلة إلى سماء الدنيا، وفي رواية كل ليلة في ثلث الليل الأخير، فيقول: هل من داع فأستجيب له؟ هل من مستغفر فأغفرَ له؟ هل من تائب فأتوب عليه؟). انتهى. قال الثعالبي: فإن كان يقول هذا كل


(١) التيسير، ج ٢ ص ٢١٥. وأبو داود، كتاب الوتر، رقم الحديث: ١٤٣٤.
(٢) أبو داود، كتاب الوتر، رقم الحديث: ١٤٣٤. ولفظه: عن أبي قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبى بكر متى توتر قال أوتر من أول الليل وقال لعمر متى توتر قال آخر الليل فقال لأبي بكر أخذ هذا بالحزم وقال لعمر أخذ هذا بالقوة.
(٣) التيسير، ج ٧ ص ٢١٥.
(٤) التيسير، ج ٢ ص ٢١٥.