للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليلة في آخرها، فمحال أن يدعو أحد في ذلك الوقت أو يتوب أو يستغفر فيرد؛ لأن الله عز وجل لا يخلف الميعاد. والمراد بالنزول هنا نزول طول، ومن ورحمة دون حلول ولا انتقال. انتهى. وقال سيدي محمد الزرقاني في حديث الموطإ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قال ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول من يدعوني فأستجيب له؟ من يسألني فأعطيه؟ من يستغفرني فأغفر له؟ (١)) انتهى. اختلف فيه: فالراسخون في المعلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا على طريق الإجمال منزهين لله تعالى عن الكيفية والتشبيه. ونقله البيهقي، وغيره عن الأئمة الأربعة. والسفيانين والحمادين والليث والأوزاعي وغيرهم، وتأوله المتأولون على وجهين: أحدهما أن المعنى ينزل أمره، الثاني أنه تلطف بالداعين وإجابة لهم ونحو ذلك. وقوله: الآخر، بالرفع صفة لثلث، وقوله: فأستجيب لخ، بنصب الأفعال الثلاثة في جواب الاستفهام، وبالرفع على الاستئناف، وبهما قرئ: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ}. ولم يعده مقدم ثم صلى؛ يعني أن من صلى الوتر ثم بدا له أن يتنفل وتنفل، لا يعيد الوتر ثانيا؛ أي يكره فيما يظهر لخبر: (لا وتران في ليلة (٢) وأجيب عن خبر: (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا (٣))، بتقديم النهي على الأمر، أو يخص عموم الثاني بالأول، وقوله: ثم صلى، عطف على مقدم؛ لأنه يشبه الفعل، قال الشيخ ابن مالك:

واعطف على اسم شبه فعل فعلا … وعكسا استعمل تجده سهلا

وجاز؛ يعني أنه يجوز التنفل بعد الوتر، والمراد بالجواز الندب لا الجواز المستوي الطرفين، وظاهر المصنف جواز النفل بعد الوتر مطلقا حدثت له نية التنفل بعد أن دخل في الوتر أم لا؛ وهو الذي جزم به الرماصي، ورد على من قيد جواز التنفل بعد الوتر بمن حدثت له نية التنفل


(١) الموطأ، كتاب القرآن، رقم الحديث ٤٩٦.
(٢) أبو داود، كتاب الوتر، رقم الحديث: ١٤٣٩. والترمذي، كتاب الوتر، رقم الحديث: ٤٧٠. والنسائى، كتاب قيام الليل وتطوع النهار، رقم الحديث: ١٦٧٩.
(٣) التيسير، ج ٢ ص ٢١٤.