للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بعد الوتر أو فيه؛ فإنه قال: هذا القيد ذكره ابن عبد السلام في قول ابن الحاجب: فإن أوتر ثم تنفل جاز، فتبعه في التوضيح، وتبعه الشارح ومن بعده من شراحه، ولا أصل له.

ولما نقل هنا ما تقدم عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما، وغير ذلك مما ذكر من النصوص، قال: فهذه النصوص كلها تدل على عدم اعتبار القيد المذكور والله أعلم انتهى. وناقشه الشيخ محمد بن الحسن بأنه: ذكره ابن عبد السلام، وابن هارون، والتوضيح، وتبعه الشراح. وبأنه يؤخذ من قول المدونة، ومن أوتر في المسجد فأراد أن يتنفل بعد تربص قليلا. انتهى. قال: فقوله: "فأراد" الخ، يفيد القيد المذكور، ونحوه في المواق على المختصر: من أوتر في المسجد ثم أراد التنفل تنفل. انتهى. وسمع ابن القاسم منع من أوتر مع الإمام في رمضان، أن يصل وتره بركعة ليوتر بعد ذلك: بل يسلم معه ويصلي بعد ذلك ما يشاء. انتهى. وهذا يفيد أن طرو النية في الوتر كطروها بعده. وقال المازري في شرح التلقين: قد ذهب بعض إلى أن من كان له تهجد فأولى له أن لا يوتر مع الإمام، وهذا ليكون وتره آخر نفله على مقتضى قوله صلى الله عليه وسلم: (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا (١)). واختار ابن المنذر أن يوتر مع الإمام. انتهى. فحيث لم يذكر مقابل الأول إلا عن ابن المنذر، دل كلامه على ترجيح الأول، وهو ظاهر، نعم يستثنى من ذلك ما في المدونة، ونصها: وإن صلى المسافر على الأرض وله حزب من الليل فليوتر على الأرض ثم يتنفل في المحمل. انتهى. قال أبو الحسن: هذا على جهة الاستحباب تأكيدا للوتر. انتهى. وبذلك تعلم أن قول مصطفى: إن القيد المذكور لا أصل له، وأن هذه المنصوص تدل على عدم اعتباره، فيه نظر. انتهى كلام الشيخ محمد بن الحسن.

قال جامعه عفا الله عنه: والذي يظهر ما للشيخ مصطفى، لا ما للشيخ محمد بن الحسن. والله سبحانه أعلم. وقال الشيخ عبد الباقي: فإن طرأت النية قبل الوتر كره تنفله بعده، وبقى للجواز شرط آخر؛ وهو أن يفصل بين تنفله ووتره بفاصل عادي -كما في النقل- ويشعر به "ثم"، فإن


(١) التيسير، ج ٢ ص ٢١٤.