للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الموبقات، لا يدل على حصرها في سبع، ولهذا قال ابن عباس: هي إلى السبعين، وروي إلى سبعمائة أقرب منها إلى السبع. انتهى.

قال جامعه عفا الله تعالى عنه: ولعل هذا هو قول الأسفرائني، ووالد صاحب جمع الجوامع مع أنه يمكن الفرق بينهما. والله سبحانه أعلم.

الرَّابع: لا خلاف بين أهل السنة أن التوبة تصح من بعض الذنوب دون بعض، وإذا تذكر المذنب الذنب، فهل يجب عليه تجديد الندم أم لا؟ قولان للقاضي، وإمام الحرمين، قائلا: يكفيه أن لا يبتهج ولا يفرح عند تذكره، وهل توبة الكافر نفس إسلامه، أو لابد من الندم على الكفر؟ فأوجبه الإمام. وقال غيره: يكفيه إيمانه؛ لأن كفره ممحو بإيمانه، وإقلاعه عنه، قال تعالى: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ}. واعلم أن الذنب إن كان حقا لله تعالى فيكفي الندم والإقلاع، ويشرع في قضاء الفوائت كالصلاة والصيام وشبه ذلك، وإن كان حقا لآدمي وجب عليه رده إن كان مالا، والتحلل منه إن كان عِرْضا، فإن لم يجده ولا وجد أحدا من ورثته، فإنه يستغفر الله ويتصدق عليه، وإن كان نفسا وجب عليه تسليم نفسه للأولياء إن أمكن ذلك، فإن لم يفعل مع الإمكان فمذهب الجمهور صحتها، وهذه معصية أخرى يجب عليه أن يتوب منها. وقيل: لا تصح، وهو مرجوح.

الخامس اعلم أن التوبة على قسمين: واجبة من المحظور، ومندوبة من المكروه. الواسطي: كانت التوبة في بني إسرائيل بقتل النفس، كما قال تعالى: {فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ}. قال: فكانت توبتهم إفناء نفوسهم، وتوبة هذه الأمة أشد؛ وهي إفناء نفوسهم عن مرادها مع رسوم الهياكل. ومثله بعضهم بمن أراد كسر لوزة في قارورة لكن ذلك يسير على من يسره الله عليه انتهى. نقله الشيخ ميارة.

السادس: اعلم أن الأنبياء كلهم معصومون من الذنوب صغيرها وكبيرها، عمدها وسهوها قبل النبوءة وبعدها، في سائر الحركات والسكنات في الباطن والظاهر، في السر والعلانية، في الجد والهزل والرضى والغضب، وقد أجمع الصحابة رضوان الله عليهم على اتباع النبي صلى الله عليه