وتوبة من كل ذنب يجترم … ................................................
قال أبو بكر بن الطيب: وهو المشهور. الثاني: أنها لا تفتقر إلى توبة، بل توبتها اجتناب الكبائر لقوله تعالى:{إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}، وهو قوله في أول الرسالة وغفر الصغائر باجتناب الكبائر. الثالث: أنها إن كانت منوطة بالكبيرة، كالقبلة لمن أراد الزنى ثم تاب منها غفرت باجتناب الكبيرة، وإن كانت منفردة مستقلة بنفسها افتقرت إلى التوبة، وهل تكفير الصغائر باجتناب الكبائر على القول به قطعي، أو ظني؟ قولان. قاله الشيخ ميارة. وقال النسفي في العقائد: ويجوز العقاب على الصغيرة، وقال السعد في شرحه: سواء اجتنب مرتكبها الكبيرة أم لا، لدخولها تحت قوله، تعالى:{وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}، ولقوله:{لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا}. والإحصاء إنما يكون للسؤال والمجازاة إلى غير ذلك من الآيات والأحاديث، وذهب بعض المعتزلة إلى أنه إذا اجتنب الكبائر لم يجز تعذيبه، لا بمعنى أنه يمتنع عقلا، بل بمعنى أنه لا يجوز أن يقع لوقوع الأدلة السمعية على أنه لا يقع، لقوله تعالى:{إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ}. وأجيب بأن الكبيرة المطلقة هي الكفر؛ لأنه الكامل وجمع الاسم بالنظر إلى أنواع الكفر، فإن الكل ملة واحدة في الحكم، أو إلى أفراده القائمة بأفراد المخاطبين على ما تمهد من قاعدة: أن مقابلة الجمع بالجمع تقتضي انقسام الآحاد بالآحاد، كقولنا: ركب القوم دوابهم، ولبسوا ثيابهم، وقال السعد أيضا: واستحلال المعصية بمعنى اعتقاد حلها كفر صغيرة أو كبيرة، وكذا الاستهانة بها؛ بمعنى عدها هينة ترتكب من غير مبالاة.
الثالث: قال الشيخ ميارة: الكبيرة والصغيرة نسبة وإضافة، وإلا فكل ذنب فهو كبير، فتسمية بعض الذنوب صغائر إنما هو لتكفيرها باجتناب غيرها مما هو أكبر منها، فكلها كبائر وبعضها أكبر من بعض، ولهذا لم يأت في الشرع لفظ يحصرها في عدد معين، وإنما ذلك ليكونوا في اجتناب جميع المنهيات على حذر ليلا يواقعوها، وما ورد في الأحاديث من تسميتها بالسبع