للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معلما، وقال العوفي: قال العلماء: من دخل الصلاة وأتى بها على الهيئة كما أمر الله من الركوع والسجود والقيام ولم يترك شيئا منها، فلما فرغ منها سئل عن فروضها وسننها وحكمها فلم يعرف شيئا من ذلك، بل قال: أفعل كما رأيت الناس يفعلون، فصلاته باطلة. وكذا من توضأ على أتم الهيئات، أو اغتسل من جنابة على أحسنها ولا يعرف من ذلك فرضا ولا سنة، فجنابته وحدثه باقيان عليه، وصلاته باطلة غير مقبولة، بل هو في جميع ما فعل آثم عاص لله عز وجل ولرسوله، وليس في ذلك بين أهل العلم خلاف، وكذلك الحج والصوم وسائر العبادات، ثم حكى عن الأشياخ فيمن اعتقد فريضة جميع أفعال العبادة من وضوء، أو صلاة، أو صوم، أو حج عدم اختلاف أهل العلم في بطلانها وحدثه باق عليه؛ وهو آثم عاص لله ورسوله لتباين أحكام الفرض والسنة من الجبر والإبطال وغيرهما. انتهى. وقال الشبيبي في شرح الرسالة: اختلفوا في صحة صلاة من لم يميز بين الفرائض والسنن بجهله على قولين، وعلى ذلك يختلف في صحة الائتمام. به انتهى. وقال الشيخ زروق: المشهور صحة صلاته. قاله الإمام الحطاب. وقال المواق: ولا يراد بالفقه هنا معرفة أحكام السهو، فإن صلاة من جهل أحكام السهو صحيحة إذا سلمت مما يفسدها، وإنما تتوقف صحة الصلاة على معرفة كيفية الغسل والوضوء، ولا يشترط تعيين الواجبات من السنن والفضائل، ولابن أبي يحيى: من لم يعرف تمييز الفرائض من غيرها إلا أنه يوفي بالصلاة، كما ذكر أبو محمد، فقال الشيخ: صلاته صحيحة: لأن جبريل صلى بالنبي صلى الله عليه وسلم الصلاة الكاملة بجميع فرائضها وفضائلها، نص عليه ابن رشد في الأجوبة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي (١))، فلم يأمرهم بسوى فعل ما رأوا. انتهى.

إلا كالقاعد بمثله؛ يعني أن ما تقدم من أن الصلاة تبطل بالاقتداء بعاجز عن ركن، فيمتنع الاقتداء به لقوله تعالى: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ}، إنما هو في غير اقتداء القاعد بمثله أي بمن هو قاعد، وأما اقتداء القاعد بمثله فهو صحيح بعد الوقوع، جائز ابتداء، وأتى بقوله: "فجائز"؛


(١) البخاري، كتاب الأذان، رقم الحديث: ٦٣١.