للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يلزمه أن ينوي الإمامة ليميز بين نية المأمومية والإماميَّة، فإن لم ينو الإمامة بطلت عليه وعليهم. وقيل تبطل عليه دونهم وتكون من المستثنيات، وقيل: تبطل عليهم دونه، قال الإمام الحطاب ما معناه أن هذا الذي ذكر المص من شرطية نية الإمامة في الاستخلاف إنما يتمشَّى على قول ابن عبد الحكم: أنه إذا طرأ على الإمام عذر ولم يستخلف وصلى القوم أفذاذا بطلت صلاتهم، وأما على مذهب ابن القاسم في المدونة الذي هو أنهم إن صلوا أفذاذا صحت صلاتهم، فليست نية الإمامة في الاستخلاف بلازمة نقله عن القباب؛ هو معترض بأن الكلام في المستخلف بالفتح وهو شرطه الجماعة، فالاعتراض بأنهم تصح صلاتهم أفذاذا غير ظاهر. انظر حاشية الشيخ بناني.

ولما كانت نية الإمامة في الصلوات الأربع شرطا له في صحتها بحيث تنعدم بانعدامه، وفضل الجماعة كذلك ينعدم حصوله للإمام بانعدام نية الإمامة عند الأكثر، وإن لم يكن ذلك شرطا في صحة الصلاة نفسها قال: كفضل الجماعة؛ يعني أنه لابد في حصول فضل الجماعة للإمام من نية الإمامة عند الأكثر، فالتشبيه في الشرطية؛ أي كما يشترط في صحة الصلوات المذكورة نية الإمامة، فإن تركها الإمام بطلت؛ يشترط في حصول فضل الجماعة للإمام نية الإمامة، فإن تركها لم يحصل له فضل الجماعة، فإذا صلى رجل منفردا ثم جاء من صلى خلفه ولم يعلم به حصل له فضل الجماعة دون إمامه، فإن علم به ونوى الإمامة حصل له فضلها، وإن لم ينو فالظاهر أنه كما لو لم يعلم به. قاله الشيخ عبد الباقي.

واختار في الأثير خلاف الأكثر؛ يعني أن اللخمي اختار أن الإمام يحصل له فضل الجماعة ولو لم ينو الإمامة، فقوله: "في الأخير"؛ أي الفرع الأخير الذي هو قوله كفضل الجماعة، فإن الأكثر قالوا: لا يحصل للإمام فضل الجماعة إلا بنية الإمامة، والأقل قالوا: يحصل له بدون نية الإمامة، وحينئذ فلو عبَّر المص بالاسم بأن يقول: والمختار في الأخير خلاف الأكثر لكان أولى؛ لأنه اختار قول الأقل. وكلام اللخمي الذي أشار إليه المص على نقل الحطاب هو قوله: قال مالك فيمن صلى لنفسه ثم أتى رجل فائتم به أنها له صلاة جماعة. قال الشيخ وكذلك الإمام تصير له جماعة ولا يعيد في جماعة أخرى. انتهى. وفي كلام اللخمي نظر لقولهم: لا يثاب المرء على ترك