للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

استجاب الله تعالى دعاءهم (١)). وقد أنكر جماعة كون الدعاء بعدها على الهيئة المعهودة من تأمين المؤذن بوجه خاص، وإن أجازه ابن عرفة، وقد ألف الشاطبي فيه، ورام ابن عرفة وأصحابه الرد عليهم، وحجتهم في ذلك ضعيفة. وسئل عز الدين بن عبد السلام عن المصافحة بعد العصر والصبح: أمستحبة أم لا؟ وعن الدعاء عقب السلام أمستحب للإمام في كل صلاة أم لا؟ وعلى الاستحباب فهل يلتفت ويستدبر القبلة، أم يدعوا مستقبلا لها؟ وهل يرفع صوته أو يخفض؟ وهل يرفع اليد أم لا في غير المواطن التي ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه رفع يده فيها؟ فأجاب: المصافحة عقب صلاة الصبح والعصر من البدع، إلا لقادم، فإن الصافحة مشروعة عند القدوم. (وكان صلى الله عليه وسلم يأتي بعد السلام بالأذكار المشروعة ويستغفر ثلاثا ثم ينصرف (٢)). وروي أنه قال: (رب قني عذابك يوم تبعث عبادك (٣))، والخير كله في اتباع الرسول عليه الصلاة والسلام، واستحب الشافعي للإمام أن ينصرف عقب السلام. قاله الإمام الحطاب. وقال البساطي في المغني: قال في النوادر عن ابن حبيب: إذا نزل بالناس نائبة فلا بأس أن يأمرهم بالدعاء ورفع الأيدي. انتهى. وقال الشيخ ميارة: اعلم أنه قد أكثر الناس الكلام في مسألة دعاء الإمام إثر الصلاة، وتأمين الحاضرين على دعائه.

وحاصل ما انفصل عليه الإمام ابن عرفة والغبريني: أن ذلك إن كان على نية أنه من سنن الصلاة أو فضائلها فهو غير جائز، وإن كان مع السلامة من ذلك فهو باق على أصل حكم الدعاء، والدعاء عبادة شرعية فضلها من الشريعة معلوم عظمه، وكذلك الأذكار بعدها على الهيئة المعهودة، كقراءة الأسماء الحسنى ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مرارا، ثم الرضى عن الصحابة رضي الله عنهم وغير ذلك من الأذكار بلسان واحد، وقد مضى عمل من يقتدى به في العلم والدين من الأئمة على الدعاء بإثر الذكر الوارد بإثر تمام الفريضة. ابن عرفة: وما سمعت من


(١) الحاكم، ج ٣ ص ٣٤٧.
(٢) مسلم، كتاب المساجدن، رقم الحديث: ٥٩١.
(٣) مسلم، كتاب صلاة المسافرين، رقم الحديث: ٧٠٩.