للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جعل الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه (١) قال الشيخ عبد الباقي: ولقد أحسن المصنف في ترتيب هاتين المسألتين مع الثالثة بعدهما؛ إذ صدر بما يؤمر به المسبوق بعد تكبيرة الإحرام من تكبير وعدمه. ثم ثنى بقيامه بعد سلام إمامه لقضاء ما عليه بتكبير أو بدونه، ثم ثلث بكيفية قضاء ما عليه بقوله: وقضى القول؛ يعني أن المأموم المسبوق المدرك ركعة فأكثر يقضي فيما فاته به الإمام القول، قال الشيخ عبد الباقي: أي القراءة خاصة، وأما غيرها فهو بانٍ فيه كالأفعال، فلذا يجمع بين سمع الله لمن حمده وربنا ولك الحمد؛ إذ الإمام لم يقلها، وإذا أدرك ثانية الصبح قنت على المشهور. قاله الجزولي، ويوسف بن عمر: خلافا للشارح والتتائي والشيخ سالم. لما علمت من أن المراد بالقول الذي يُقْضى القراءة. وأما قنوته فمن باب الفعل؛ لأن وقوفه له كفعل الباني المصلي وحده وهو يقنت، في ثانية الصبح. انتهى. قال الرماصي: ما ذكره التتائي صواب، وهو تابع في ذلك الشارح والتوضيح، وكل الشيوخ يفرعون على القفاء في الأقوال عدم القنوت. انتهى. وقال الشيخ محمد بن الحسن: ما ذكره الرماصي من أن المعتمد عدم القنوت صحيح؛ إذ هو الذي في البيان، واقتصر عليه صاحب التوضيح، والقلشاني، وابن ناجي، وغيرهم. وقال الرماصي: ونفى الفاكهاني القول بالقنوت فضلا عن أن يكون مشهورا: فإنه قال منكرا على من قال يقنت في ركعة القضاء: إن كان هذا قولا في المذهب فهو شاذ، بناء على أن ما أدرك مع الإمام أول صلاته، وهذا القول لم أره منصوصا لأصحابنا، غير أن صاحب البيان والتقريب نقله إلزاما لا نقلا.

وبنى الفعل؛ يعنى أن المأموم المسبوق إذا قام بعد سلام إمامه لقضاء ما عليه، فإنه يقضي في الأقوال -كما مر- ويبني في الأفعال. والقفاء عبارة عن جعل ما فاته قبل الدخول مع الإمام أول صلاته، وما أدركه آخرها، والبناء عبارة عن جعل ما أدركه معه أول صلاته، وما فاته آخرها. وكون المسبوق يقضي القول ويبني الفعل مذهب الإمام مالك، وذهب الإمام أبو حنيفة إلى أنه يقضي القول والفعل، وذهب الإمام الشافعي إلى أنه يبني فيهما. ومنشأ الخلاف خبر: (إذا أتيتم الصلاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها وعليكم السكينة والوقار فما أدركتم فصلوا وما فاتكم


(١) البخاري، كتاب الأذان، رقم الحديث: ٧٢٢.