شيء من العصر بعدها بخطبتيها، فحيثما أدرك خطبتيها وفِعْلَهَا قبل الغروب وجبت، كما رواد مطرف عن مالك.
رويت عليهما؛ يعني أن هذين القولين رويت المدونة؛ أي نقلت عليهما؛ أي هما موجودان فيها. والله سبحانه أعلم. ففي رواية ابن عتاب للمدونة: وإذا أخر الإمام الصلاة حتى دخل وقت العصر، فليصل الجمعة بهم ما لم تغب الشمس، وإن كان لا يدرك العصر إلا بعد الغروب. وفي رواية غير ابن عتاب: وإن كان لا يدرك بعض العصر إلا بعد الغروب. عياض: وهذه أصح وأشبه برواية ابن القاسم عن مالك، وفي اعتبار قدر الركعات بالوسط أو بما اعتاده في صلاته، قولان. نقله الرهوني. وقوله:"وهل إن أدرك" الخ، محل ذلك حيث كانت العصر عليهم، وأما لو قدموا العصر ناسين للجمعة، فإنه يتفق القولان على أن وقتها يمتد للغروب، فلا يشترط حينئذ إدراك شيء من العصر باتفاقهما.
ولا تنافي بين قوله للغروب، وذكر الخلاف الواقع بعده بقوله:"وهل إن أدرك ركعة"، الخ لأنه جزم بالمشهور أولا، ثم ساق الخلاف بعد ذلك أشار له الشيخ إبراهيم، وقال: ومُقتَضَى كلام المصنف: أن من أدرك ركعة من الجمعة قبل الغروب لا يتمها جمعة بل ظهرا أو يقطع، مع أنه يتمها جمعة على المشهور، ويجاب بأن كلامه في وجوب إقامتها ابتداء؛ أي أنهم هل لا يطلبون بإقامتها إلا إذا كانوا معتقدين أنهم يدركون ركعة من العصر بعد فعلها قبل الغروب، أم لا؟ فعلى الأول: إذا بقي من النهار قبل الغروب قدر ما يسعها وخطبتيها فقط لا تجب إقامتها، لكن إن فعلت أجزأت. وعلى الثاني: تجب. انتهى.
والحاصل أنهم إذا اعتقدوا إدراك الجمعة كلها بخطبتها، فلما صلوا ركعة منها غربت الشمس، فإنهم يتمونها جمعة، وأما إن علموا ابتداء أنهم لا يدركون إلا ركعة فلا تصلى حينئذ، فإن أحرموا بها وأدركوا ركعة فلا يعتدون بها بل يتمون أربعا، هذا هو التحقيق. كما قاله غير واحد، خلافا للأجهوري ومن تبعه. ولابن شاس مشيرا للصورة الأولى: قال الشيخ أبو بكر: إن عقد ركعة بسجدتيها قبل خروج وقتها أتمها جمعة، وإن لم يعقد ذلك بنى وأتمها ظهرا، وقال الشيخ