وبما قررت علم أن قوله:"وإن تأخر أداء"؛ أي أداء الجمعة في العتيق عن أدائها في غيره هو في غير الجمعة التي أثبتت كونه عتيقا؛ وهو واضح، قال الشيخ عبد الباقي: ثم قوله: "والجمعة للعتيق" مقيد بثلاثة قيود: أحدها: أن تقام به وبالجديد، فإن هجروا العتيق وصلوها في الجديد فقط صحت. قاله اللخمي. الثاني: أن لا يحكم حاكم بصحتها في الجديد تبعا لنذر بانيه عتق عبد بعينه إن صحت صلاة الجمعة فيه، فإن وقع ذلك وحكم مخالف بعتق العبد لصحتها صحت فيه؛ إذ حكمه الداخل في العبادات تبعا لنحو عتق، كما أفتى به الناصر اللقاني، لا ينقض. الثالث: أن لا يحتاجوا للجديد لضيق العتيق عنهم، وإلا صحت في الجديد لقول التوضيح: لا أظنهم يختلفون في جواز التعدد في مثل مصر وبغداد. انتهى. قوله: أن لا يحكم حاكم، قال الشبراخيتي: صورته أن يقول باني المسجد -مثلا-: إن صحت جمعة مسجدي هذا فعبدي فلان حر، فيأتي العبد إلى من يقول بالتعدد كالحنفي، فيثبت عنده أنه صلى في المسجد جمعة صحيحة، فيحكم الحاكم بعتقه لوقوع المعلق عليه، فيلزم من ذلك الحكم بصحة الجمعة ضمنا. انتهى. ونازع الشيخ محمد بن الحسن الشيخ عبد الباقي في قوله الثاني: أن لا يحكم حاكم الخ، وقال: فيه نظر؛ إذ حكم الحاكم في المسألة المذكورة لم يقع إلا في العتق لاعتقاده صحتها في الجديد، ولا يلزم من اعتقاده صحتها فيه حكمه بها. تأمله. انتهى. وفي الخرشي: أن ما أفتى به الناصر اللقاني فيه نظر، وإن قال به سند، قال: لأن حكم الحاكم لا يحل الحرام. انتهى. وفي كتاب الأمير. تقوية ما للناصر، فانظره إن شئت.
تنبيه: لو أقيمت الجمعة ابتداء في جامعين وليس أحدهما عتيقا، صحت جمعة من صلى فيه بتولية الإمام أو نائبه، وإلا فللسابق بالإحرام، فإن أحرما معا، حكم بفسادها وأعيدت جمعة، ولا تجزئهم ظهرا مع بقاء وقتها، وإن لم يعلم السابق حكم بفسادها وأعيدت ظهرا لاحتمال صحة جمعة المعيد. والجمعة لا تصلى مرتين، وما تقدم عن المصنف من قوله: لا أظنهم يختلفون في جواز التعدد في مثل مصر وبغداد. انتهى. هو نحو قول ابن عبد الحكم، وقد ذكره ابن يونس: على أنه تقييد للمذهب، لا على أنه خلاف. وقد نص العلماء على أنه يؤخذ من النص معنى يعممه، كما يؤخذ منه معنى يخصصه.