أبو الحسن: لأن ذلك يشغله عن الإنصات للخطبة. انتهى. وفهم من المصنف منع كثيرة وجهر يسيره، ولعل المراد بالمنع الكراهة. قاله غير واحد.
ولما اختلف في جواز ذكر قل سرا، واتفق على جواز النطق بالتأمين والتعوذ عند السبب، وإنما اختلفوا في صفته من سر؛ وهو قول مالك: وصحح أو جهر؛ وهو قول ابن حبيب، قال: يؤمن الناس ويجهرون جهرا ليس بالعالي، شبَّه المختلف فيه بالمتفق عليه، فقال: كتأمين؛ يعني أنه يجوز التأمين والإمام يخطب، وكذا تجوز الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والإمام يخطب. وتعوذ؛ أي أنه كما يجوز التأمين والإمام يخطب، يجوز التعوذ والإمام يخطب، وقوله: عند السبب، راجع للتأمين والتعوذ، ومثلهما الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكره. وكذا الاستغفار، فسبب التأمين الدعاء، وسبب التعوذ ذكر النار أو الشيطان، وسبب الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكره كما تقدمت الإشارة إليه، هذا هو الذي يفيده ابن عرفة والشارح. وقيل: سببها؛ أي الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم أن يأمرهم الخطيب بها، وتقدم قول ابن حبيب: إنه يجهر بالتأمين جهرا ليس بالعالي، وأما الجهر بالتأمين جهرا عاليا فبدعة كما في الحطاب.
وما مر من الاتفاق على جواز التأمين قاله غير واحد كالحطاب والخرشي وعبد الباقي، لكن قال محمد بن الحسن بناني: يرده ما في المواق عن ابن عبد الحكم أنه: لا يحرك به لسانه، والأول ذكره المواق عن الباجي. وقال عبد الباقي: إن التأمين والتعوذ غير مقيدين باليسارة، وقوله: كتأمين وتعوذ، ليس هذا مما استوى طرفاه، بل فعله أولى. قاله غير واحد.
كحمد عاطس؛ يعني أن من عطس والإمام يخطب، فإنه يجوز له أن يحمد الله سرا، وفصل بكاف التشبيه؛ لأنه سنة عند بعض، بخلاف ما قبله، والراجح أنه؛ أي حمد العاطس، مندوب، وهل مندوب هنا أو سنة على أصله؟ تردد. انتهى. وقوله: سرا: قيد في قوله: "كحمد عاطس"، وفيما قبله ليتمشى على قول الإمام، وعبارة الشيخ عبد الباقي: قيد فيه وفيما قبله ويكره جهرا.