وبما قررت علم أن الضمير في قوله:"فيهما"، يعود على الخطبتين. ابن يونس عن سحنون: إن ذكر في الخطب (١) أنه جنب نزل للغسل، وانتظروه إن قرب وبنى، قال غيره: فإن لم يفعل وتمادى في الخطبة واستخلف في الصلاة، أجزأ ذلك، وما ذكره المصنف هو المشهور. أبو الحسن: وظاهر المذهب اشتراط الطهارة فيهما.
والعمل يومها؛ يعني أنه يكره ترك العمل يوم الجمعة؛ يريد إذا تركه تعظيما لليوم كما يفعل أهل الكتاب بسبتهم، وأما ترك العمل للاستراحة يومها فجائز، وأما تركه للاشتغال بأمر الجمعة من دخول حمام وتنظيف ثياب وسعي لمسجد من بعد منزل فمندوب، وأما العمل فيها فمنه مندوب؛ وهو عمله وظائف الجمعة، والعمل الذي قصد به الخروج من الترك المكروه، واشتغاله بالعلم فيما زاد على ما يعمل فيه وظائف الجمعة. ومنه جائز؛ وهو العمل الذي تركه جائز، ومنه مكروه؛ وهو العمل الذي يشغله عن وظائف الجمعة من غير حاجة إليه.
وبما قررت علم أن قوله:"والعمل"، مجرور عطف على طهر، وما قررت به المصنف قرره به الحطاب والخرشي، ونحوه قرره عبد الباقي والشبراخيتي، إلا أنهما قالا: إذا ترك العمل استنانا تعظيما لليوم. انتهى.
وبيع كعبد بسوق وقتها؛ يعني أنه يكره أن يتبايع من لا تلزمه الجمعة من عبد، ومسافر، وصبي، وامرأة، ومعذور وقت الخطبة؛ وهو جلوس الإمام على المنبر حيث كان تبايعهم بينهم بسوق، لا قبل جلوسه، ولا بعد الفراغ منها، ولا بغير سوق فيجوز.
وعلم مما قررت أن هذا البيع إنما وقع بين من لا تلزمهم الجمعة، وأما إن وقع بيع من لا تلزمه الجمعة مع من تلزمه الجمعة حينئذ فإنه حرام، ويفسخ كما يأتي بسوق وبغيره، ولم يقنع المصنف بقوله: وإقامة أهل السوق مطلقا بوقتها؛ لأنه استحباب للإمام، ولهذا عممه فيمن تلزمهم ومن لا تلزمهم، وهذا في حق غيره.