للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

ونحوها، وكان رقيق القلب غزير الدمعة ظاهر الخشوع قليل التصنع كريم الأخلاق حسن الأدب سليم الصدر شديدا على أهل البدع لا يخاف في الله لومة لائم سلم له الإمامة أهل عصره، وقال ابنه قال لي أبي إذا أردت الحج فأقدم طرابلس وفيها رجال مدنيون، ثم مصر وفيها الرواة، ثم المدينة وفيها مالك، ثم مكة واجتهد جهدك فإن قدمت علي بلفظة خرجت من دماغ مالك ليس عند شيخك أصلها فاعلم أن شيخك كان مفرطا، وقال سليمان بن سالم دخلت مصر والمدينة ومكة وغيرها ورأيت علماءها ومحدثيها فما رأيت مثل سحنون وابنه وقال عيسى بن مسكين سحنون راهب هذه الأمة: وكان له من الأصحاب ما لم يكن لأحد من أصحاب مالك، وكان أصحابه أفضل الناس وأعقلهم وأفقههم بما اكتسبوا من صفاته، وكانوا مصابيح في كل بلدة وعدله منهم نحو سبعمائة، ولما تولى قضاء افريقية بعد الامتناع قال لابنته خديجة اليوم ذبح أبوك بغير سكين فعلم الناس أنه قبل القضاء. توفي رحمه الله سنة أربعين ومائتين وهو ابن ثمانين سنة ورأيت له مبشرات صالحة تؤذن بسعادته والحمد لله.

وأما أسد فهو الفقيه الثقة ابن الفرات بن سنان مولى بني سليم كنيته أبو عبد الله سمع من مالك موطأه وغيره، وأخذ عنه أبو يوسف موطأ مالك وتفقه أسد أيضا بأصحاب أبي حنيفة، وتقدم أنه جاء بالأسئلة التي هي أصل المدونة.

وأما البرادعي فهو الإمام الفقيه النظار أحد حفاظ المذهب خلف ابن القاسم الأزدي المعروف بالبرادعي يكنى أبا سعيد من كبار أصحاب أبي محمد بن أبي زيد، وأبي الحسن القابسي له تصانيف منها التهذيب ومال الناس إلى درسه دون غيره من اختصار ابن عبد الحكم واختصار ابن أبي زيد وغيرهما، ويقال إن أبا سعيد دعا الله أن يبارك له في هذا الكتاب فأجيبت دعوته.

واعلم أن أمهات الفقه المعتمد عليها المدونة هذه والموازية والواضحة والعتيبة أما المدونة فقد تقدم ذكرها: وأما الموازية فمؤلفها هو الإمام الراسخ في الفقه والفتيا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم زيادة الاسكندري المعروف بابن المواز بفتح الميم وتشديد الواو نسبة إلى بيع الموز، ألف كتابه المشهور بالموازية من أجل ما ألفه المالكيون وأصحه مسائل وأبسطه كلاما وأوعبه، وقد رجحه القابسي على سائر الأمهات قال لأن صاحبه قصد إلى بناء فروع أصحاب المذهب على أصولهم توفي بدمشق