للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واعلم أن التكبير دبر الصلوات مستحب وهذا اللفظ مستحب ثان، فمن أتى به أتى بمستحبين. وإن قال بعد تكبيرتين لا إله إلا الله ثم تكبيرتين ولله الحمد فحسن؛ يعني أن المصلي إذا كبر عقب الفرائض تكبيرتين بأن يقول: الله أكبر الله أكبر، ويزيد بعدهما لا إله إلا الله، ثم يكبر بعد ذلك تكبيرتين بإدخال الواو على أولاهما؛ أي الواو العاطفة لأولى التكبيرتين على الهيللة، ويقول بعدهما: ولله الحمد بالواو، فإن ذلك حسن، لما روي أن الله تعالى لما أمر جبريل عليه السلام أن يذهب إلى إبراهيم -على نبينا وعليه الصلاة والسلام- بالفداء، فرآه أضجع ابنه للذبح، فقال: الله أكبر الله أكبر، لا يعجل بالذبح، فلما سمع إبراهيم صوته علم أنه يأتيه بالبشارة، فقال: لا إله إلا الله والله أكبر، فلما سمع إسماعيل كلامهما، قال: الله أكبر ولله الحمد، فلا ينبغي أن يترك بعضه، كذا في المحيط، انظر ابن مالك شارح مجمع البحرين. والجمهور على أن الذبيح إسماعيل لا إسحاق، وقوله: "فحسن"، قال في الحاشية: والأول أحسن، وقال التتائي. في صغيره: إن الثاني أفضل، وذكر شيخنا في شرحه أن في تعيين الأفضل قولين، ففي المدونة. ما يفيد أن أفضله الله أكبر ثلاثا، وفي غيرها ما يفيد أن أفضله ما أشار له بقوله: "وإن قال بعد تكبيرتين" الخ، قاله الشيخ إبراهيم. وقال الشيخ عبد الباقي عند قوله: "فحسن": والأول أحسن لأنه الذي في المدونة، والثاني في مختصر ابن عبد الحكم. انتهى. وقال الخرشي عند قوله: "فحسن"، هذا في مختصر ابن عبد الحكم، والمذهب الأول. انتهى.

وكره تنفل بمصلى قبلها وبعدها؛ يعني أنه يكره التنفل بالمصلى الذي صليت فيه العيد قبل صلاة العيد وبعدها؛ أي يكره للإمام والمأموم، لما في الصحيحين (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يوم الأضحى فصلى ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما (١) وقال ابن شهاب: لم يبلغني أن أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى يوم الفطر ولا يوم النحر لا قبل الصلاة ولا بعدها، ونقل عن ابن وهب إجازة ذلك، ووجه كراهة التنفل في المصلى قبل صلاتي العيدين،


(١) البخاري، كتاب الجمعة، رقم الحديث: ٩٦٤. - مسلم، كتاب العيدين، رقم الحديث: ٨٨٤. ولفظهما: لم يصل قبلها ولا بعدها …