للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم خطب؛ يعني أن الإمام إذا صلى بالناس صلاة الاستسقاء، فإنه يخطب، فقوله: "ثم"؛ أي بعد صلاة الاستسقاء ركعتين "يخطب" كالعيد" أي يخطب خطبتين بعد الصلاة يجلس في أولهما ووسطهما، ويتوكأ على كعصا. ابن بشير: ولا يدعو في هذه إلا بكشف ما نزل بهم، لا لأحد من المخلوقين أي حتى السلطان، ولعله إن لم يخش منه أو من نوابه. قاله الشيخ عبد الباقي. ولو أسقطت الخطبة هنا لم تفسد الصلاة بذلك إجماعا، وما ذكره المصنف من تقديم الصلاة على الخطبة هو المشهور، ودليله ما خرجه أصحاب الصحاح (أنه عليه الصلاة والسلام قدم الصلاة في الاستسقاء (١))، ولأن تقدم الصلاة أنجح في الدعاء فإنها أعظم الوسائل، وكان عليه الصلاة والسلام إذا أراد حاجة توضأ وصلى ثم يسأل الله، وما ذكره من أن لها خطبتين كالعيد هو المذهب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم (خطب خطبتين وجلس بينهما (٢))، فوجب اتباع ذلك، ولا حد فيه، ولكنه وسط. قاله الأقفهسي. وقال ابن عمر: الجلوس بين الخطبتين على قدر الجلوس بين السجدتين، ويدعو في خطبته بكشف ما نزل بهم، ولا يدعو لأمير المؤمنين، ولا لأحد من المخلوقين. القرافي: من أدرك الخطبة وفاتته الصلاة جلس لها ولا يصلي وهو بالخيار بعد ذلك في الصلاة؛ لأنها بقيت نافلة مطلقة. وقال في الكتاب: وإن أحدث في الخطبة تمادى لعدم اشتراط الطهارة في الخطبة، وقوله: "ثم خطب كالعيد"، قال في الرسالة وشرحها لأبي الحسن: ثم إذا سلم فإنه يستقبل الناس بوجهه وهو على الأرض لا يرقى منبرا على المشهور، فإذا استقبلهم يجلس جلسة ليأخذ الناس أمكنتهم، فإذا اطمأن الناس في أماكنهم، قام الإمام على جهة الاستحباب متوكئا على قوس عربي أو عصا أو سيف ليلا يعبث بلحيته، فخطب ثم جلس، ثم قام فخطب.

وبدل التكبير بالاستغفار؛ يعني أن التكبير المطلوب فعله في خطبة العيد والخروج له، يبدله ندبا في خطبة الاستسقاء والخروج له الإمام والناس معه بالاستغفار، بأن يستفتح الخطبتين بالاستغفار


(١) ابن ماجه، كتاب الصلاة، الحديث: ١٧٦٨. - أبو داود، كتاب الصلاة، الحديث: ١١٦١. ولفظه: خرج رسول الله صلى الله عللِه وسلم يوما يستسقي فصلى بنا ركعتين بلا أذان ولا إقامة ثم خطبنا ودعا الله وحول وجهه نحو القبلة رافعا يديه ثم قلب رداءه فجعل الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن. - الترمذي، رقم الحديث: ٥٥٦.
(٢) الإتحاف، ج ٣ ص ٤٤١.