للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من النار، وافتحوا له بابا إلى النار، فيدخل عليه من حرها وسمومها، ويضيق عليه قبره حتى يختلف أضلاعه، ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح، فيقول: أبشر بالذي يسوءك، هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول: من أنت؟ فوجهك الذي يجئ بالشر، فيقول: أنا عملك السيء في دار الدنيا، فيقول: يا رب لا تقم الساعة (١)). انتهى. قوله: كأنما على رؤوسنا الطير؛ أي من السكون والوقار، ولم يكن فيهم طيش ولا خفة؛ لأن الطير لا يكاد يقع إلا على ساكن كما في العذق المنضود، وفي بعض طرق هذا الحديث عن البراء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فيقيض له أصم أبكم ومعه مرزبة لو ضرب بها جبل صار ترابا، أو قال: رمادا، فيضربه ضربة يسمعها الخلائق إلا الثقلين، ثم تعاد فيه الروح فيضربه ضربة أخرى (٢)). وفي بعض طرقه: (فإذا أخرجت روحه لعنه كل ملك في السماء وكل ملك في الأرض (٣)).

وروى أبو الليث السمرقندي بسنده عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن المؤمن إذا احتضر أتته الملائكة بحريرة من الجنة فيها مسك ومن سائر الريحان، فتسل روحه كما تسل الشعرة من العجين، ويقال لها: أيتها النفس المطمئنة اخرجي إلى ربك راضية مرضية ومرضيا عنك إلى روح الله تعالى وكرامته، فإذا خرجت روحه وضعت على ذلك المسك والريحان، وطويت عليه الحريرة، وبعث بها إلى عليين، وإن الكافر إذا احتضر أتته الملائكة بمسوح فيها جمرة، فتنزع روحه انتزاعا شديدا، ويقال: أيتها النفس الخبيثة اخرجي ساخطة مسخوطا عليك إلى هوان الله وعذابه، فإذا خرج روحه وضع على تلك الجمرة، وأن لها نشيجا كنشيج الغليان، ويطوى عليه المسوح ويذهب بها إلى سجين (٤)).

والمسوح، قال في القاموس: المسوح المنديل الأخشن، وروى أبو جعفر بإسناده عن ابن عمر (أن: المؤمن إذا وضع في القبر وسع عليه قبره سبعين ذراعا طولا، ومثله عرضا، وينشر عليه الرياحين، ويستر بالحرير، وإن كان معه شيء من القرآن كفاه نوره، وإن لم يكن جعل له نور كنور الشمس


(١) تنبيه الغافلين لأبي الليث السمرقندي، ص ٢٧.
(٢) رياض الصالحين،
(٣) رياض الصالحين،
(٤) تنبيه الغافلين، ص ٢٧