الأوضاع اللغوية بحيث يتنزل مفهوم الشرط دون غيره منزلة المنصوص فتنصرف إليه القيود ونحوها انصرافها للمنطوق الملفوظ به، وإذا حُمِل على هذا انحل به معضلات كثيرة في كلامه، وكما يعتبر مفهوم الشرط يعتبر ما هو أقوى منه كمفهوم الغاية والحصر وكذا مفهوم الموافقة.
ولما عين المصنف الأشياخ الأربعة وما اصطلح عليه في الدلالة على مختارهم ولم يسعه ترك التنبيه على ما صححه غيرهم من الأقوال أو استحسنه منها أو ما ظهر له من تلقاء نفسه أشار إلى ذلك بقوله وأشير بصحيح أو استحسن مبنيين للمفعول لعدم قصد التعيين، وعلق بأشير، قوله إلى أن شيخا بالتنكير أي عالما ويدخل في ذلك المص لأن بعض المواضع استظهره هو غير الأربعة الذين قدمتهم أي قدمت ذكرهم وهم: اللخمي، وابن يونس، وابن رشد، والمازري.
صحح هذا الحكم أي أشير عند إيراد الحكم بأحد هذين اللفظين إلى أن ذلك الحكم قد صححه أو استظهره عالم ليس أحد الأربعة المتقدم ذكرهم والله سبحانه أعلم، فالمشار إليه محذوف كما عرفت ولم يقل أولا أو استظهر لأنه عين مادة الظهور لابن رشد، وأتى به ثانيا إشارة إلى أن الترجيح الصادر من المرجح بلفظ مخصوص لا يجب أن يشار إليه بذلك اللفظ المخصوص وأشير بالتردد أي اللفظ الدال على التحير لتردد أي تحير المتأخرين في النقل أي نقل الحكم عن المتقدمين، ومعنى ذلك أن يختلف المتأخرون في النقل عن واحد أوأكثر، فينقل جماعة عنهم الجواز والمنع بأن ينقل أبو زيد مثلا الكراهة عن ابن القاسم، وينقل عنه ابن اللباد الجواز مثلا فلو نقل عن غير من نقل عنه أولا كما لو نقل واحد أو أكثر عن أشهب المنع، ونقل غيرهم عن ابن القاسم مثلا خلاف ذلك لم يكن ترددا، وسبب التردد في النقل إما لأجل اختلاف قول الإمام، وإما لأجل الاختلاف في فهم كلامه، وقوله لتردد المتأخرين في النقل يصدق بالواحد إذ قد يتحير في النقل واحد منهم نحو وهل إن حلفا وإلا لزم الناكل تردد فإنه لابن بشير وحده، وقوله لتردد المتأخرين في النقل هو كقول غيره، وفي كذا طرق أو طريقان والطريق عبارة عن شيخ أو شيوخ يرون أن المذهب كله على ما نقلوه أو لعدم نص المتقدمين هو عطف على قوله في النقل وليس معطوفا على قوله لتردد لأنه يقتضي أنه يشير بالتردد لعدم نص المتقدمين وإن لم يحصل من المتأخرين تردد وليس كذلك لفقد معنى التردد الذي هو التحيرُ مع تحرير المتأخرين المقتدى