للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إما على حذف مضاف أي أسأل ذوي الألباب بلسان ذي تضرع وخشوع وعلى هذا فكل من اللسان والتضرع والخشوع مستعمل في حقيقته ولا تجوُّزَ إلا بحذف ذي فقط، وإما لأن كلا من التضرع والخشوع شبه بإنسان تشبيها مضمرا في النفس فأضيف إليه اللسان الذي هو من لوازم المشبه به فأثبت اللسان للمشبه تجوزا، والثلاثة مستعملة في حقيقتها أيضا وخطاب التذلل والخضوع التذلل تفعل من الذل بالكسر وهو اللين ضد الصعوبة أومن الذل بالضم ضد العز {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ} والخضوع بجميع البدن وهو والتذلل مترادفان، وفيه الوجهان المتقدمان من حذف المضاف وإضمار التشبيه بالنفس، والخطاب هو الكلام الذي يقصد به الإفهام أن ينظر بالبناء للمجهول. والنائب ضمير يعود على الكتاب بعين الرضى فيه حذف مضاف أي بعين ذي رضى أو شبه الرضى بشخص وأثبت له شيئا من خواص المشبه به على طريق الاستعارة التخييلية وسألهم النظر على الوجه المذكور شفقة عليهم ليلا يدخلوا تحت قوله صلى الله عليه وسلم (من طلب عثرة أخيه ليهتكه طلب الله عثرته فيهتكه (١))، والرضى بالقصر والمد هو ترك الاعتراض فلا ينظروا إليه بعين ذي غضب وتعصب فإن ذلك يصور الحق بصورة الباطل وعين الصواب ضد الخطإ ويقال فيه ما قيل في عين الرضى ولما سألهم أن ينظروا كتابه بعين ذي رضى خشي أن ينظر بعين ذي حب مفرط ليلا يرى الباطل حقا فرغب إيثارا للنصح أن يجمعوا مع عين ذي الرضى عين ذي الصواب؛ أي الذي يميز الصواب من الخطإ ولا يؤثر على الصواب شيئا بل هو همته وطلبه.

وحاصل معنى كلام المص أنه سأل ذوي الألباب سؤال متضرع متذلل خاضع لهم أن ينظروا كتابه بعين ذي رضى أي تارك للاعتراض، ولا ينظروه بعين ذي سخط يقلب الحق باطلا شفقة على علماء الأمة من الدخول تحت قوله صلى الله عليه وسلم (من طلب عثرة أخيه ليهتكه طلب الله عثرته فيهتكه (٢)) ولما خشي أن يتوهم من ذلك أنه سألهم أن ينظروا إليه بعين ذي حب مفرط لا يميز بين الخطإ والصواب لفرط محبته، بل يحمل كل ما وجد على الصواب لفرط محبته أردف


(١) لا تؤذوا عباد الله، ولا تعيروهم، ولا تطلبوا عوراتهم، فإنه من طلب عورة أخيه المسلم، طلب الله عورته حتى يفضحه في بيته. مسند أحمد، رقم الحديث. ٢١٨٩٥
(٢) مسند أحمد، رقم الحديث: ٢١٨٩٥.