قيل لي قد أسا عليك فلان … ومُقام الفتى على الذل عار
قلت قد جاءنا وأحدث عذرا … دية الذنب عندنا الإعتذار
من تعليلية متعلقة بأعتذر؛ أي أعتذر إليهم من أجل التقصير التقصير هو عدم بذل الوسع في تحصيل المقصود والمراد به هنا ما يظهر من وقوع الكلام على غير وجه الصواب؛ إذ لا يجوز للمؤلف أن لا يبذل وسعه في تحصيل الصواب والله تعالى أعلم الواقع أي الحاصل مني على تقدير وجوده في تأليفي لهذا الكتاب ومعنى كلام المص أبدي عذري وأظهره لأصحاب العقول الصحيحة والأفهام السليمة من التقصير الذي وقع مني في هذا الكتاب فإنه أمر عظيم وخطب جسيم لا يقدر على مثله إلا بإمداد إلهي وتوفيق رباني فيغتفرون لي ما لعله يوجد فيه من الهفوات بما فتح الله به فيه من الفروع الغريبة والمسائل المهمات فإن الحسنات يذهبن السيئات قاله الشيخ الحطاب، وهذا الذي ذكره المص أمر يعلم وجوده بالضرورة إذ لا يسلم منه غير المعصوم وبالله تعالى التوفيق قال تعالى {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا} وإنما خص المص ذوي الألباب لأنهم أهل الشفقة والرحمة العالمون أن المواهب والمزايا من الله تعالى وأن مقام العبد حيث أقامه ربه فيلتمسون الأعذار ولا يطلبون العَوار بوزن كلام العيب والضم لغة فيه وقد مر أن قوله ثم أعتذر استيناف وذلك لأنه لا يعطف الخبر على الإنشاء ولا الإنشاء على الخبر على الصحيح وأجازه الصفار وجماعة وأسأل حذف مفعوله أي أسأل ذوي العقول أن ينظروا كتابي بعين الرضى والصواب، والأصل اسألهم وهو استئناف بلسان التضرع التضرع التذلل والمبالغة في السؤال والرغبة ويقال أيضا للذل والخضوع تضرع؛ أي خضع وذل والمراد هنا المعنى الأول، ويقال ضرع إليه مثلثة خضع وذل وكفرح ومنع تذلل وككرم ضعف والخشوع أي الخضوع في الصوت والبصر {وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا} أي صوتا خفيا {خُشَّعًا أَبْصَارُهُمْ} ويكون في القلب أيضا لقول عمر ارفع رأسك إنما الخشوع في القلب وفي الأرض أيضا {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً} والخضوع لا يكون إلا في البدن وإضافة اللسان إلى ما بعده